Connect with us

رأي

البطالة: التحدي الكبير للحكومة والمجتمع!

بتاريخ

محمد الخمسي

هناك ارقام مزعجة سياسيا ومقلقة اجتماعيا لا يمكن ذكر جميعها في هذا المقالة، التي سنقف فيها على البطالة، فقد احتل المغرب المرتبة 120 من أصل 189 دولة في تصنيف مؤشر التنمية البشرية العالمي؛ وهذا يعكس غياب الاثر والوقع على المستهدفين بالتنمية ومشاريعها مع قلة الفاعلية والنجاعة على أرض الواقع، ثم ان البنيات والمقرات دون تغيير العقليات و التاثير فيها ثقافيا وسياسيا واجتماعيا للمستهدفين لا تحقق الأهداف المسطرة او المحددة، كما ان تراجع المغرب من المركز 62 إلى المركز 70 من بين 113 دولة في تصنيف مؤشر الحكامة؛ يعطي دليلا اخر على غياب الشفافية، وان المال العام لا زال يعاني من الكثير من سوء تدبيره، كما ان آليات السياسيات العمومية لا تقوم بدورها، سواء كانت مؤسسات تنفيدية او مؤسسات رقابة او مؤسسات استشارة، هذه المرتبة مرتبطة ايضا ومؤكدة من خلال تراجع المغرب في مؤشر “إدراك الفساد” إلى الرتبة 78 من اصل 180 دولة حسب ترانسبرانسي ؛ ونعلم ان الفساد يخلق بيئة طاردة للاستثمار، وان الفساد يشل فاعلية المؤسسات، وان الفساد يسبب في عدم الثقة في المؤسسات، وعلى رأسها مؤسسة القضاء، وكل ما سبق يصعب معه ان نتحدث عن مجتمع سعيد، او مجتمع مطمئن على مستقبله، وهو ما يؤكده ايضا تراجع المغرب في مؤشر السعادة العالمي بـ7 مراتب من 100 إلى 107..

هذا مسح خفيف لمؤشرات تعطي صورة سلبية عن واقع المجتمع المغربي ومؤسساته، ولكن تبقى القنبلة الاجتماعية المتمثلة في حوالي 1,5 الذين لا يتوفرون على أية مؤهلات! هي التحدي الكبير للحكومة بل للمجتمع بكامله!

1 البطالة مشكلة حقيقية امام هذه الحكومة

مثل بقية دول العالم، يعاني المغرب من بطالة حادة طويلة الامد، بحيث اصبح مؤشرها البياني يتجه بانتظام نحو الأعلى، ومع غياب معلومات حقيقية عن حجم المشكلة وأسبابها، بل التناقض احيانا بين ارقام الحكومة والمؤسسات المهتمة بالشان الاقتصادي والاجتماعي، ولا يمكن للمواطن الا ان يصدق والي بنك المغرب و المندوبية السامية للتخطيط ، لانهما أكثر مهنية وحيادا من باقي الاطراف، خاصة أنهما يؤكدان ان البطالة اصبحت أزمة مستعصية على العلاج بسبب ضعف عام في التنسيق بين الفاعلين السياسيين من جهة، و من جهة أخرى تردد الفاعلين الاقتصاديين لاسباب عديدة منها وضبابية لوحة المؤشرات المساعدة على التشغيل ،

لاشك أن البطالة التي تصيب بصورة خاصة الشباب او الفئة الأكثر حيوية وقوة في المجتمعات التي تراهن على هرم ديمغرافي فاعل هي الاصعب في العلاج، فالشباب المغربي يعاني اليوم أنواعا من البطالة، أبسطها هو “البطالة الصريحة” التي يعجز فيها الشاب عن العثور على عمل مفيد، بأجر مناسب يحترم كرامته ويحقق في الحد الادنى من احتياجاته، وهناك “البطالة المقنعة” التي يحصل فيها الشاب على وظيفة لا تفيده ماديا ، ولا وقع لها او نفع على المجتمع، بل في الغالب لا تدر عليه العائد الذي يجزيه ويكافئ جهده، بل لا تعكس ايضا تخصصه وما قضى فيه عمرا للتحصيل فيه والتكوين عليه، فالمهندس الذي يتحول الى شخص يوقع الوثائق فقط، هو مهندس لم يستفد منه وهو في شبه بطالة …

يمكن تشريح انواع اخرى من البطالة، فهناك البطالة “الموسمية” التي ترتبط بموسم سياحي او ظرف اقتصادي، تجعل الشاب يقول لك اشتغل أربعة أشهر من السنة فقط ، أو بطالة مرتبطة بنشاط اقتصادي، مثل الذي يقوم بتجارة موسمية مرتبطة بشهر رمضان او الدخول المدرسي او العطل الصيفية، المشترك في هذه البطالة ضعف الاجر وموسمية العمل وقد ايظاف الان ما يمكن تسميته “بالبطالة التكنولوجية”.

كما اشرت فان هدف المقالة تريد الوقوف فقط على الابعاد الاجتماعية والأمنية المرتبطة ببطالة الشباب ورصد اهم مفاصيلها، وأسباب زيادتها وانتشارها، وهنا يمكننا أن نرصد الأخطار الاجتماعية التالية:

  1. زعزعة الشعور بالانتماء الوطني والولاء للدولة،
    فالظروف الصعبة ترافقها ظروف نفسية، لان الحاجة إلى العمل من أجل الضروريات تقع على رأس هرم الحاجات الاجتماعية الأساسية، ومن وجهة تصبح نظرة أي شاب الى مجتمع لا تتوفر فيه ظروف تحقيق الاحتياجات الأساسية نظرة تتراوح بين الياس والكراهية، والدولة التي تعجز عن حل هذه المشكلة يبدأ مع الزمن الزهد في الانتماء لها والتضحية من أجلها، وتدخل على الخط شبكات التواصل الاجتماعي التي تحرض على العداء والكراهية لمقومات الجبهة الداخلية، وزرع الشرخ فيها، هنا يسهل الاختراق والتوظيف في كل عوالم السر او الجريمة ، ولتخيل هشاشة النفوس ليس في البحث عن الحلول والوعود ولكن في حجم الصعوبات المتراكمة، مما يجعلنا نصبح امام استثمار في اليأس. وما العزوف السياسي لدى الشباب الا احد تجلياتها.
  2. تهديد سلم الاجتماعي،
    لا شك ان الشاب الذي يعاني من البطالة لن يمنع نفسه من “ممارسة” الحقد والكراهية تجاه أولئك الذين حصلوا على فرصة عمل، فضلا عن أولئك الأثرياء الذين يركبون السيارات الفارهة وتملأ صورهم الصحف والمجلات والقنوات التلفزية، واول ما يقع هو الاستهتار بالحياة السياسية والعزوف عن اي نشاط مدني، بل التمرد على قيم بقيت صامدة لمئات السنين مؤطرة الاسرة والمجتمع ، واسال اهل الصناعات التقليدية هل يستطيعون ايجاد يد عاملة مهذبة او جدية او امينة ؟ وهذا سببه ضعف ثقافة السلم الاجتماعي،
  3. ارتفاع الجريمة،
    هي ظاهرة عالمية وقانون اجتماعي ثابت بحيث كلما ارتفعت البطالة الا وارتفعت معها الجريمة المنظمة، وهناك عدد من الجرائم المرتبطة بزيادة البطالة، وعلى رأسها السرقة بأنواعها والقتل الذي سببه مخزون العنف الذي يسكن الشباب وخاصة حين يفكر في اسرع طريق للخروج من الفقر فيبدأ في جرائم التهريب والاحتيال وجرائم الجنس، وانتشار تعاطي المخدرات، وهو ما يؤدي في النهاية إلى شيوع مناخ الخوف والجريمة التي بدفع ثمنها المجتمع بكل مكوناته واطيافه.
  4. قد تكون البطالة طريق للتطرف والأفكار الهدامة،
    فالعاطل عن العمل الذي قد يعيش نراها من الحقد على المجتمع، يسهل التقاطه و غسل دماغه بأفكار متطرفة عدوانية، ومع اعتماد خطاب ديني متطرف اقصائي عنيف تجعل كثيرا من الشباب ضعيف المناعة امام هذا الخطاب الاستقطابي التحريضي

هذه الاشارات الاربعة كافية لنجعل من ملف البطالة ملف يحتاج الى كثير من المسؤولية السياسية والاخلاقية إزاء شباب علما اننا لم نناقش اثر البطالة على النمو الاقتصادي ،واثرها وفي تراجع الشعور بقيمة التعليم باعتباره قيمة تستحق العناء، وشيوع مفاهيم الاستهزاء به والانتصار الى الجهل بدل المعرفة والتحصيل وهو ما يساهم في التسرب من التعليم للأسر التي تجد كبير ابناءها لم يستفد من سنين الدراسة

وفي خاتمة هذه المقالة نستحضر ما قاله جلالة الملك في خطاب سام يربط بين الشباب والشعب:

  • أن التقدم المحرز لا يعود بالفائدة على “الشباب الذين يمثلون أكثر من ثلث عدد سكان” المملكة وأضاف أن النموذج التنموي المغربي أصبح حاليا “غير قادر على الاستجابة” لمطالب شعبه، داعيا الحكومة إلى “إعادة النظر فيه”.

ولفت إلى أن “التقدم الذي يعرفه المغرب لا يشمل مع الأسف كل المواطنين وخاصة شبابنا، الذي يمثل أكثر من ثلث السكان”، داعيا إلى بلورة “سياسة جديدة مندمجة للشباب”.
وجوهر السياسة الحفظ على كرامة المواطنين وخاصة الشباب الذي لا يمكن ان نقنعه بالكرامة وهو غارق في “نار البطالة”

التحدي 24

دور المغرب في حفظ السلام (تحليل)

بتاريخ

الكاتب:

محمد الخمسي
يعد المغرب من الدول التي تساهم في جهود حفظ السلام الدولية من خلال مشاركته الفعالة والملتزمة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، حيث يرسل قوات عسكرية وشرطية ومدنية إلى مناطق النزاع لتعزيز الاستقرار وحماية المدنيينن وهو أمر لايمكن الحصول عليه إلا من خلال ثقة وإحترام كل الاطراف للمغرب وقيادته.
يرتكز دور المغرب على تاريخ عريق في الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة لحفظ السلام، وإقتناعه الراسخ أنها من أفضل الوسائل في العلاقات الدولية، والتي تشمل عدم استخدام القوة إلا في حالات الدفاع عن النفس والدفاع عن التفويض، والحصول على موافقة الأطراف المتحاربة، والحفاظ على الحياد التام وعدم التدخل في شؤون الدول أو العبث بأمنها واستقرارها أو التحيز إلا أحد أطراف الصراع وإطالته.

المغرب موضع الثقة في حفظ السلام:
شارك المغرب ولازال يشارك بفعالية ومسؤولية في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، مرسلاً أفراداً وفرق مدربين من مختلف القطاعات وخاصة القطاع الصحي، مع الالتزام بالمبادئ الأساسية لحفظ السلام، والتي تشمل الموافقة على نشر العمليات، وعدم استخدام القوة إلا في حالات ضرورية لحماية المدنيين أو تنفيذ المهام، وقد اكتسب خبرة كبيرة في ذلك، هذه الخبرات المتنوعة التي بناها عبر الزمن بكفاءة قواته العسكرية والمدنية، مما ساهم في نجاح العمليات المختلفة، وقد حقق بذلك تعزيز الاستقرار الإقليمي وتعزيز الاستقرار في مناطق النزاع، مما يدعم السلام والتنمية.

تذكير بالمهمة النبيلة
تعتبر مبادئ حفظ السلام من مهام الممنتظم الدولي والتي تشترط موافقة الأطرافليتم نشر عمليات حفظ السلام بموافقة جميع الأطراف الرئيسية في النزاع وعدم التحيز والبقاء على الحياد لضمان فعالية عملياته، مع تجنب استخدام القوة إلا للدفاع عن النفس والولاية التي تمنح القوة لقوات حفظ السلام فقط في حالات الدفاع عن النفس أو الدفاع عن التفويض الذي يحدد مهامهم .
يعتبر مؤشر العدالة العالمية كمقياس صادر عن مشروع العدالة العالمية (WJP) الوسيلة المثلى لمعرفة مدى التزام الدول بمبادئ سيادة القانون، ويشمل ثمانية عوامل رئيسية لتقييم الحكامة والحقوق الأساسية، وينشر سنويًا. وتعتمد نتائجه على استبيانات تستهدف الأسر والخبراء والممارسين القانونيين، مما يجعله أداة موثوقة لصانعي السياسات والباحثين، و مشروع العدالة العالمية. يهدف هذا المؤشر إلى تقييم مدى فعالية سيادة القانون في الدول، مما يساعد على تقليل الفساد، ومكافحة الفقر والمرض، وحماية الناس من الظلم.
يغطي المؤشر 140 دولة ووحدة قضائية حول العالم كما يعتمد على بيانات تم جمعها من خلال استبيانات تشمل أكثر من 150 ألف أسرة محلية و 3600 خبير وممارس قانوني في كل دولة، ويقيس المؤشر ثمانية عوامل رئيسية لتقييم سيادة القانون، منها القيود المفروضة على السلطات الحكومية وغياب الفساد واحترام الحقوق الأساسية. وأعتماد الحكومة المفتوحة والأمن مع العمل على تنزيل أنظمة العدالة التنظيمية والمدنية والجنائية.

المغرب في موقع متقدم بين دول حفظ السلام
أكد مؤشر العدالة العالمية لعام 2024، الصادر عن معهد الدراسات المتقدمة في العلوم الاجتماعية بجامعة فودان في شنغهاي، على الدور البارز للمغرب في مجال حفظ السلام الدولي، حيث احتلت المملكة المرتبة 18 بين 198 دولة شملها التقييم. ويرجع هذا التقدم إلى مشاركة المغرب الفاعلة في بعثات حفظ السلام، خصوصًا في القارة الإفريقية، حيث يساهم بقواته في مهام جمهورية إفريقيا الوسطى مينوسكا)، ومالي (مينوسما)، والكونغو الديمقراطية (مونوسكو)، إضافة إلى بعثة يونميس في جنوب السودان.
إن المغرب من خلال حضوره ومساهمته يقوم بمساعدة الدول على الانتقال من النزاع إلى السلام المستدام ،وتوفير الأمن والدعم السياسي وبناء السلام في المناطق التي مزقتها الصراعات، وبدعمه للمبادئ الأساسية واعتماد سياسة وثقافة الحياد الايجابي وعدم التحيز الذي يزيد من الصراع وإيمانه الراسخ أن استخدام القوة باستثناء الدفاع عن النفس والدفاع عن ولاية حفظ السلام تجغله محض ثقة الاطراف، مما وفر في كثير من الصراعات بيئة أمنية مستقرة لحماية المدنيين ودعم العمليات السياسية.
من خلال بناء السلام وتعزيز مؤسسات الدولة التي تعرف الصراع وتطوير البنية التحتية الضرورية للسلام على المدى الطويل ، علما أن الامر فيه كثير من التحديات والمخاطر ، بحيث يتعرض عناصر حفظ السلام لأعمال عنف وخطف وقتل في بعض النقاط الساخنة حول العالم جعل من مشاركة المغرب بشكل فعال في عمليات حفظ السلام بأفريقيا ومن خلال تقديم قوات عسكرية ومساهمات لوجستية مجل ثقة في المنتظم الدولي، كما يعتبر من أكبر المساهمين الأفارقة في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. إن التاريخ الطويل من المشاركة في مهام السلام في القارة حعل للمغرب سجلاً حافلاً بالمشاركة في مهام حفظ السلام بالقارة الأفريقية، بل يعد من الدول الأفريقية الرائدة في هذا المجال، حيث عززت جهوده مع أطراف دولاية أخرى من استقرار القارة الأفريقية من خلال هذه المشاركات،وعكست عمليا التزامه بدعم السلام والأمن في المنطقة.إن القوات المسلحة الملكية مفخرة وإعتزاز وشرف لكل المغاربة بحيث وظف المغرب جزءا من قوته الصلبة في شكل قوة ناعمة وهذا من ذكاء الامة المغربية.

اكمل القراءة

رأي

الاستعراض العسكري الصيني وبعض رسائله.. (تحليل)

بتاريخ

الكاتب:

محمد الخمسي،

شهد العرض العسكري ” الذي تم تنظمه في الصين، الأربعاء، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية في ” ساحة تيانانمن” المملوءة بالدلالات والرمزبة حدثا مهما ومع ظهور الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون معًا لأول مرة إشارة الى تحالف أكثر من تقليدي خاصة وأن الحفل عسكري بإمتياز.

كشفت الصين في هذا اليوم عن أسلحتها النووية الأكثر تطورًا في العرض، وفي ظل حرص القادة المناهضين للغرب على الوحدة وعلى بعث رسالة جدية أن الامن في العالم لن يكون إلا بمشاركة الجميع .
هذا الاستعراض يمثل حدثا لأول مرة” حيث جمع شي و بوتين وكيم “معا” ثلاثي يملك ترسانة نووية رهيبة، قادرة على تدمير الحياة فوق الارض عشرات المرات وليس مرة واحدة.
شارك قادة آسيوييون العرض العسكري مثل رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، والرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، والرئيس المنغولي أوخناجين خوريلسوخ، وغيرهم. وهي رسالة أخرى أن كل قارة قد تدافع عن نفسها وفق تكثلات جديدة. بل إستطاعت الصين أن تقنع أطرافا من أوروبا، كرئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش بالمشاركة والحضور، ويمثل العديد من القادة الآخرين بقاعًا أخرى من العالم، من إفريقيا إلى منطقة البحر الكاريبي، بمن فيهم الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، ورئيس جزر المالديف محمد معزو.
عندما أسقطت سبع قاذفات شبح من طراز B-2ما عدده 14 من أقوى الأسلحة التقليدية في العالم على الهدف دون التعرض لأي نيران مضادة من طرف إيران، تساءلت عدة اطراف عن القدرات الصينية الحالية في الهجوم على ايران، وكان الجواب أن السيادة الأمريكية على الجو لا زالت تخيف الاعداء والاصدقاء، ولم يُظهر سلاح الجو الصيني حتى الآن قاذفة شبح من فئة B-2، رغم التقارير التي تُشير إلى أنها قيد التطوير، وحتى مع ذلك، فإن الجيل القادم من القاذفات الأمريكية، B-21، لا يزال في مرحلة النموذج الأولي.
قول الجنرال المتقاعد في الجيش الأسترالي، ميك رايان، بتصريح لـcnnإنه يعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال أقوى جيش في العالم، “ولكن ربما بهامش أقل مما كانت عليه لعقود عديدة” مع تقليص الصين للفارق إعتراف ضمني أن الفارق أصبح ضئيلا ، وأضاف أن “الجيش الصيني متطور للغاية من الناحية التكنولوجية.. والأهم من ذلك، أنه يبني كل ما يحتاجه محليًا تقريبًا”، مضيفًا أن هذا يعني أن بكين لا يمكن “إكراهها” من قبل موردي الأسلحة الأجانب، لكنه أشار إلى أنه لم يتم اختبار أي من الأسلحة المعروضة في القتال. وتابع:
“رغم أنها تبدو مثيرة للإعجاب ظاهريًا، إلا أن العروض العسكرية ليست مؤشرًا جيدًا على الفعالية العسكرية”.
إن الصين باستعراضها العسكري بعثت برسائل منها :
1 النظام والانتظام والتنظيم،
2 ملامح المشاركين كلهم في سن الشباب ، والقيادات في سن الكهولة بل اعمار متقدمة، معناه تكامل الأجيال
3 إشارات قوية لحضور التكنولوجيا ونوعيتها مع الحضور جوا وبرا وبحرا، وهي سمة الامبراطروريات المعاصرة،
4 الصرامة انطلاقا من أعلى سلطة سياسية، وتبدو من خلال الاستعراض الذي استغرق ساعات،
5 وحدة الأمة الصينية وتجلت في افتخار الجميع بقوة الردع وحماية الصين،
6 رسائل الي الجوار الإقليمي والدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية،
7 هذا الاستعراض قال بلغة شديدة التركيز لا معنى للسياسة الا بقدر ما تملك من قوة لتنفيدها،
الدرس من الصين على رأس من يقصد به الغرب، ولعل الانجليز يتذكرون كم كان لهم من صولة وجولة هناك، وكم كانوا يهيمننون على بحار تلك المناطق.
والخلاصة أن هناك لاعبين جدد يجب نسج العلاقة معهم، بل وتغيير وجهة الدراسة نحوهم، ومنهم الصين وتعلم الصينية من بعض مفاتيح المستقبل. وحتى المؤسسة العسكرية يمكن أن تستفيد من الصين، فبوصلة العالم تعددت اقطابها وفي الأرض متسع لخيارات وطنية حكيمة عقلانية.

اكمل القراءة

رأي

تآكل الحدود بين المدني – الجمعوي والرسمي: مقاربة في ضوء مفهومي السلطة والشرعيّة

بتاريخ

الكاتب:

الدكتور محمد الخمسي
تتناول هذه الورقة حالة إشكالية تكشف عن تآكل الحدود بين أدوار الفاعلين المدنيين الجمعويين وأدوار المؤسسات الرسميّة في السياق العام التربوي المغربي، حيث يقوم بعض رؤساء الجمعيات بتوجيه تعليمات مباشرة إلى الأطر التعليميّة، في سلوك يتجاوز حدود الاختصاص القانوني، ويعيد طرح سؤال الشرعيّة والهيبة المؤسسية.
تستند الورقة إلى مقاربة نظرية مزدوجة لفهم ديناميات هذا الانزياح:

  1. مفهوم السلطة المشتتة عند ميشيل فوكو،
  2. ومفهوم الشرعيّة القانونيّة والعقلانية عند ماكس فيبر،
    تُظهر بعض الممارسات المدنية في المجال العمومي ميلاً متزايداً إلى التوسع في الاختصاصات على حساب المؤسسات الرسمية، بحيث يتقمص الفاعل الجمعوي أدواراً سيادية ليست من صلاحياته.
    هذا، ومن أبرز هذه الممارسات توجيه التعليمات إلى نساء ورجال التعليم بضرورة الالتحاق بمقرات العمل، وهو سلوك يبدو في ظاهره خدمة وطنية، لكنه في العمق يطرح أسئلة عن شرعية الخطاب ومآلاته المؤسساتية.
    هنا ثلاثة اسئلة جوهريّة تفرض نفسها:
  3. كيف يُعاد إنتاج السلطة خارج فضائها المؤسسي الرسمي؟
  4. هل نحن أمام مجرد مبادرة فردية، أم أمام تجلٍّ لما يسميه فوكو بـ”انتشار السلطة” عبر شبكات غير متوقعة؟
  5. ما أثر هذه الممارسات على الشرعية القانونية – العقلانية التي اعتبرها فيبر أساس استقرار المؤسسات الحديثة؟
    1. (شارل دو فوكو) والسلطة المنتشرة:
      يرى شارل دو فوكو أن السلطة لا تُمارس فقط من الأعلى إلى الأسفل، بل تتوزع عبر شبكات المجتمع وخطاباته. في هذا الإطار يمكن قراءة تدخل رئيس جمعية باعتباره محاولة لإنتاج سلطة رمزيّة جديدة، عبر خطاب يوحي بالمراقبة والانضباط، حتى قبل بداية الموسم الدراسي.
    2. (ماكس فيبر) والشرعية:
      يؤكد ماكس فيبر أن الشرعية في الدولة الحديثة تقوم على أساس الطابع “القانوني – العقلاني” للسلطة، حيث تُمارَس الاختصاصات وفق قواعد واضحة ومؤسسات محددة.
      هذا، وأي تجاوز لهذه القواعد يؤدي إلى تآكل الشرعية، ويقوض الثقة في المؤسسات الرسمية، إذ يصبح موقع الوزير ذاته قابلاً للمنازعة والتقزيم.
      إن خطاب الفاعل الجمعوي محل النقاش ينطوي على ثلاث مخاطر أساسية:
    3. خطر الاتهام المسبق:
      إذ يستبطن دعوى تقاعس الأطر التعليميّة دون سند واقعي أو قانوني، مما يضعف ثقة الفاعلين في المؤسسة.
    4. خطر التشويش المؤسسي:
      فبدل دعم انطلاقة الموسم الدراسي، يتحول الخطاب إلى عنصر إرباك، ويغدو مصدراً للقلق بدل أن يكون دعامة للتعبئة.
    5. خطر الهيبة الرمزية:
      حيث يُختزل موقع الوزير في صورة قابلة للتجاوز، فيتآكل البعد الرمزي للمنصب العمومي، وتصبح “السلطة الرسميّة” مجرد موقع تفاوضي بين فاعلين مدنيين.
      وهنا تبرز المفارقة:
      فبينما تركت قضايا بنيوية حقيقية ـ مثل الاكتظاظ، والنقل المدرسي، والمطاعم المدرسية ـ دون معالجة، جرى استهلاك الجهد الرمزي في ممارسة سلطة لا يخولها القانون، ما يعكس حالة من إعادة هندسة غير معلنة للسلطة داخل الحقل التربوي.
      خلاصة:
      تكشف هذه الحالة عن مظهر من مظاهر التسيب المؤسساتي، حيث تتآكل الحدود بين الأدوار المدنية والأدوار الرسمية، ويتعرض البعد الرمزي للسلطة العمومية لعملية تقزيم.
  • من منظور فوكو، نحن أمام مثال على انتشار السلطة خارج مواقعها الرسمية عبر خطاب جمعوي يسعى لإنتاج شرعية بديلة.
  • ومن منظور فيبر، نحن أمام تهديد مباشر للشرعية القانونية – العقلانية التي تُعد أساس استقرار المؤسسات.
    يبقى السؤال مفتوحاً: كيف يمكن ضمان توازن دقيق بين حق المجتمع المدني في النقد والمساءلة، وبين ضرورة حماية الهيبة والشرعيّة المؤسساتيّة للدولة؟
اكمل القراءة

الأكثر قراءة

Copyright © Attahadi.ma 2024