رأي
تلميذ العالم القروي يريد مأوى وطعاما وتدفئة وأمنا!

محمد الخمسي
كان و لازال احد الرهانات الاساسية للتعليم في المغرب النهوض بالعالم القروي، حيث لم نستطع رغم الامكانات المالية التي ترصد كل سنة في قانون المالية، أن نغير صور فرعيات سيئة البناء دون جمال او خضرة ، بل في منطق معزولة، مع غياب الحماية والمرافق الصحية والحماية، كما أن طرق التدريس متجاوزة شكلا ومضمونا وظروفا، لقد فشل التعليم في الكثير مما رسمه كأهداف، وحتى لانكتب مقالا يضاف الى الاف المقالات التي تفصل في أزمة معقدة مركبة، نريد أن نشير الى أمور عملية واضحة ملموسة وقابلة للرصد و القياس، ومعرفة الأثر والوقع.
لاشك أنهه تتعدد أسباب الهدر المدرسي مركبة ومتراكمة ولكن هناك أولويات وأساسيات وضروريات لا يمكن الدراسة بدون توفرها في العالم القروي، خاصة على مستوى الاعدادي والثانوي حيث تكون المؤسسات على مسافة تفرض المطعم المدرسي وقد تفرض الحاجة الى الايواء نظرا لبعد المسافة وتقلب المناخ وسلامة الطريق، و نعلم أن من أهم وجوهر وصلب التنمية المستدامة تلك التي تستهدف الانسان ومن أجل الانسان قبل أي أولوية، وتنطلق مؤسسات دولية و وطنية من تحسين ظروف التعليم لتحقيق أهدافه، شريطة توفير مقعد دراسي لطفل او تلميذ العالم القروي وتوفير أسباب متابعة دراسته والتفوق فيها. يهدف المقال باختصار الى إجراءات عملية لتحقيق بعض من هذه الغاية الوطنية النبيلة ضمان تعلم تلميذ العالم القروي وإزالة العوائق من أمامه.
من المسؤولية تحقيق مأوى وطعاما وتدفئة وأمنا
انها أربعة أولويات لدى التلميذ في العالم القروي حتى لا نفشل في تحقيق حد أدنى من العدالة المجالية، بل العدالة الإنسانية، وبكل تركيز واختصار، و وفق منطق الأولويات يجب التعجيل بما يلي:
العمل على فتح أبواب الداخليات في المدن التي يستفيد منها أبناء المناطق القروية الذين أنهوا دراستهم في الابتدائي ويحتاجون للانتقال والالتحاق بالمدن المجاورة قصد إتمام الدراسة بالإعدادي والثانوي، فالالتحاق المبكر بالقسم وفي الزمن المناسب، و حماية من الهدر المدرسي وهو تجسيد للعدالة المجالية ، وكثير من التعثر الدراسي وخاصة في السنوات الإشهادية يأتي من عدم تزامن فتح أبواب الداخلية من انطلاق الموسم الدراسي، و المسؤولية هنا مشتركة بين الاكاديميات و الوزارة.
تزويد هذه الداخليات بطعام لائق، يحترم كرامة وأدمية هؤلاء التلاميذ، طعام يتجلى فيه ذلك العنوان الكبير المغرب الأخضر، إن ما يوزع في هذه الداخليات هو ينتمي إلى مغرب أصفر، فالبطاطس من أسوء ما في السوق والطماطم على حافة أن تكون فاسدة، أم القطاني فهي رديئة جدا، واللحم تلك قصة في الخيال، و الحقيقة البديهية أن البطن الجائع لا يمكن أن يحسن صاحبه التركيز، ولو كان من أذكى خلق الله، لا نريد أن نبحث في شبكة الفساد التي تتأمر على لقمة ورغيف التلميذ فذلك شأن المكلفين و المسؤولين، ما يهمنا أن تكون التلميذة أو التلميذ محمية تعيش إطعاما يحميها من الجوع.
لا ننسى أن تنوع مناخ المغرب يجعل بعض مناطقه تنخفض فيها الحرارة الى مستوى الهلاك، والضرر الصحي، وكثير من الفاتورات تكتب فيها أرقام خيالية حول استعمال الحطب للتدفئة وأحيانا الغاز وربما الفيول أو الكزوال، والقصة كلها أنها تدفئة على الأوراق، و من هنا أي ضمير هذا الذي يسرق ميزانية التدفئة أو يعبث فيها؟ أي مسؤول هذا يقضي ليلته تحت غطاء دافئ بينما تلميذات وتلاميذ يرتجفون تحت سوط البرد القارس.
إن طبيعة الانسان أنه يحتاج الى لباس نظيف و لكن أيضا إلى غطاء وفراش نظيف، فالأفرشة التي لا تتغير او تنظف بشكل مناسب، هي أقرب الى وسيلة لنشر الامراض وخاصة الأمراض الجلدية، أن فراشا غير نظيف هو مزعج أيضا نفسيا، وهناك قواعد تتبع في هذا الباب، إن أبناء العالم القروي ليسوا أقل شأنا من باقي أبناء المدن، و بالتالي يستحقون قدرا من الرعاية يحقق الوقاية ويحمي الكرامة.
هناك جهد محترم من طرف المؤسسات في حماية التلميذات من التحرش أو الاعتداء بكل أشكاله، وبالتالي هناك حاجة لدعم هذا الجانب من الامن النفسي والجسدي ويجب اليقظة فيه على كل المستويات وكل المتدخلين، إنها حاجة الى الأمن من الخوف، لأن الخوف مدمر لكيان الانسان ونفسيته وشخصيته، وتبقى أثاره لسنين، وتبقى جراحه للأعوام.
أن واجب مؤسسات ووزارات متعددة من خلال الالتقائية وتركيب لمشاريع التمويل والتنزيل أن تضع ضمن الأولويات الكبرى القضاء على الهدر المدرسي وتحسين مستوى التحصيل لدى تلميذ العالم القروي، إنه دين ومسؤولية وطنية وواجب أخلاقي أن ننهي هذا الحيف ضد تلميذ القرية، بل عدم توفير فرضة متابعة الدراسة لساكنة العالم القروي يعري خطاب العدالة المجالية ومقولة تكافئ الفرص للأبناء المغرب.
وكخلاصة نوجه نداء الى أهل الخير و الى المجتمع المدني من أجل دعم هذه الأولويات فبناء الانسان هو جزء من بناء العمران بل هو جوهر العمران، وكل مساهمة في إطعام التلميذات و التلاميذ بالداخلية، وكل جهد في حمايتهم من ظروف الطبيعة كقسوة البرد أو الحاجة للرعاية لهم بكل أشكالها وهو في صميم العمل الصالح ومن أوجب الواجبات، بل هو جهاد ضد الجهل و الفقر والامية، هو جهاد لبناء الأوطان عبر بناء الانسان، و المغرب بتاريخه ونساءه ورجاله مواقفهم مشرفة تعبر عن عمق حضارة هذا الوطن.
رأي
الأستاذ مصطفى يخلف يكتب: “الحق في الولوج المباشر للطبيب العمومي”

لم يعد الحق في العلاج مجرد شعار اجتماعي أو بند دستوري، بل أصبح مقياساً لمدى احترام كرامة الإنسان وتكافؤ الفرص داخل المجتمع. غير أن الواقع الصحي المغربي يكشف عن معضلة صامتة تتجلى في صعوبة وصول المريض إلى الطبيب دون وسائط، سواء كانت إدارية أو اجتماعية أو حتى محسوبة على القطاع الصحي.
هذه الظاهرة التي تتداخل فيها الاجراءات الإدارية المعقدة مع تقافة الزبونية (الباك صاحبي ) ، والتي تُحوّل رحلة العلاج إلى مسار مليء بالعراقيل، وتُضعف ثقة المواطن في المرفق العمومي الذي يُفترض أن يكون ملاذاً آمناً للتطبيب والعلاج .
إن تأمين وصول المريض إلى الطبيب دون وسائط ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل تحوّل ثقافي ومؤسساتي يعيد الاعتبار للحق في الصحة والعدالة الاجتماعية ، فحين يشعر المواطن أنه يُعالج بصفته إنساناً لا بصفته رقماً في نظام طبي جامد، ينتعش الإحساس بالمواطنة، وتستعيد المنظومة الصحية معناها الأخلاقي والإنساني.
فالملاحظة الميدانية تكشف عن جملة من العوائق التي تجعل العلاقة بين المريض والطبيب تمر عبر متاهات من “الوساطات” والضغوط غير المشروعة ، والتي يعتبر من ابرها
تعقيد المساطر الإدارية ، و ضعف التواصل داخل المؤسسات الصحية ، مع غياب مكاتب استقبال مؤهلة يجعل المواطن يبحث عن “من يرشده”، فيقع ضحية سماسرة الخدمات الصحية ، دون اغفال نقص في الموارد البشرية المتخصصة والمحترفة والذي يخلق الاكتظاظ ويغذي اللجوء إلى الوساطة لتسريع العلاج ، وهو ما جعل ثقافة الزبونية والمحسوبية تنتشر بين المرافق الصحية العمومية ، واصبحت العلاقات الشخصية هي الملجأ والحل السريع لتجاوز تطبيق القانون بالعدل بين المرافقين ، وهو ما جعل هذه الاختلالات تُفرغ الحق في الصحة من مضمونه، وتجعل المريض يعيش ازدواجية بين النصوص الجميلة والواقع المعقّد، وهو ما يتطلب إصلاحاً شاملاً في المنهج لا في الشكل .
فلإعادة الثقة إلى المرفق الصحي العمومي وضمان وصول المريض إلى الطبيب بشكل مباشر، لا بد من مقاربة متكاملة تؤسّس على وجوب تعميم
الرقمنة والشفافية الإدارية ، من خلال إنشاء منصات رقمية لتحديد المواعيد وتتبع الملفات الصحية إلكترونياً، بما يحدّ من التدخلات البشرية غير المبررة ، و تأهيل مكاتب الاستقبال والتوجيه يكلف بها موظفين متخصصين في التواصل الإنساني وتوجيه المرضى، مع مراقبة أدائهم بانتظام ، دون اغفال او التغاضي عن تعزيز المراقبة والمساءلة ، عبر إحداث آليات تبليغ فورية وسرّية عن أي وساطة أو ابتزاز، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن إصلاح العلاقة بين المريض والطبيب ليس اختيارا إدارياً، او جميلاً يقدمه مسؤول ما لمريض ، بل هو مؤشر على نضج الدولة في حماية كرامة مواطنيها ، فحين يصبح العلاج حقاً متاحاً لا امتيازاً مشروطاً، وحين تُغلق أبواب الوساطة ويُفتح باب الثقة، نكون قد وضعنا أول لبنة في بناء عدالة صحية حقيقية تُعيد للمرفق العمومي مكانته، وللمواطن كرامته، وللصحة معناها الإنساني الأصيل.
الأستاذ مصطفى يخلف
محامٍ بهيئة أكادير
عضو جمعية عدالة
رأي
بلاغة الزمن في الخطاب الملكي: سبعة دقائق و57 ثانية تختصر مرحلة بأكملها (رأي)

حتى في تفاصيل الشكل، بدت الانسجامات الرمزية واضحة بين اللون الأصفر الملكي الذي رافق الخطاب، والذي يعكس النور واليقظة والحزم، وبين الزمن المختصر الذي يجسد التركيز والدقة والانضباط.
لقد التقت الرمزية البصرية بـ البلاغة الزمنية لتجعل من الخطاب حدثًا دلاليًا متكامل الأبعاد، حيث لم يكن أي تفصيل فيه اعتباطيًا.
ففي سابقة رمزية لافتة، لم يتجاوز الخطاب الملكي في افتتاح الدورة البرلمانية لأكتوبر 2025 سبعة دقائق وسبعًا وخمسين ثانية، لكنه حمل من الرسائل الاجتماعية والسياسية ما يفوق ساعات من الكلام ، وهو ما يجعل من هذا الاختصار المدهش ليس مجرد تفصيل بروتوكولي، بل اختيارًا بلاغيًا مقصودًا يترجم بوضوح مرحلة جديدة من التدبير العمومي عنوانها العمل الميداني بدلا من الكلام العابر.
لقد جسّد الملك محمد السادس في زمن خطابه القصير دعوة صريحة إلى ترشيد الزمن السياسي، تمامًا كما يُطلب من الإدارة ترشيد الزمن الإداري ، فالمعنى الأعمق لهذا الاختصار هو أن المرحلة المقبلة لا تحتاج إلى زمن طويل من التشخيص، بل إلى تسريع وتيرة التنفيذ ، بدليل أن سبعة دقائق وسبعًا وخمسين ثانية كانت كافية لتأكيد أن العبرة ليست في طول الخطاب من حيث الزمن، بل في عمق القرارات، وأن المغرب يدخل زمن الفعل المسؤول لا زمن التبرير اللفظي.
الخطاب الملكي جاء مفعمًا بحمولة اجتماعية وأخلاقية عميقة اختُزلت في ثلاث رسائل أساسية وهي ربط المسؤولية بالمحاسبة و التنمية كمسؤولية جماعية ، بالإضافة إلى المرجعية الأخلاقية للعمل البرلماني والتي تجلّت في ختام الخطاب بالآية القرآنية:
“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”
وهي توجيه أخلاقي صارم يربط العمل العمومي بالضمير قبل القانون.
أما الخلاصة المفيدة، فقد تم تسجيلها في سبعة دقائق وسبع وخمسين ثانية فقط، حين وضع الملك محمد السادس حدًّا لمرحلة الوصف، وفتح صفحة جديدة من زمن الإنجاز والمساءلة.
ولعل الرسالة الأبلغ جاءت في شكل مجازي عميق مفاده انه إذا كانت قيمة الذهب تُقاس بصفائه لا بوزنه، فإن قيمة الخطاب الملكي تُقاس بكثافته لا بطول زمن إلقائه.
الأستاذ مصطفى يخلف
محامٍ بهيئة أكادير
عضو جمعية عدالة
التحدي 24
“دلالات الاية القرآنية بالخطاب الملكي 10 أكتوبر 2025”

اختتم عاهل البلاد خطابه الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان بدورة اكتوبر بالآية القرآنية :” فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره» (سورة الزلزلة، الآيتان 7 و8).
وهو ما يمكن ان يستشف منه بأن هذا الاختتام لم يكن تفصيلاً بلاغيًا أو ختامًا تقليديًا، بل يحمل دلالات دستورية وروحية وسياسية عميقة، تربط بين الأخلاق والدستور، وبين الخطاب والقرار.
فمن خلال هذه الآية، أعاد الملك محمد السادس ، ربط العمل السياسي بمصدره الأخلاقي الأعلى، وهو ما يمكن قراءته على انه تمهيد لمرحلة محاسبة وتقييم للولاية البرلمانية والحكومية الجارية ، بدليل ان الآية القرآنية جاءت في سياق ختامي يدعو إلى النزاهة، والالتزام، ونكران الذات ، والملك بصفته أمير المؤمنين، استخدم المعنى القرآني للتذكير بالمسؤولية الفردية أمام الله، وليدكر المتلقي المباشر للخطاب وهم البرلمانيين، بأن ممارسة السلطة ليست امتيازًا بل أمانة تخضع للمحاسبة ، و بهذا التذكير، منح الخطاب الملكي بعدًا روحيا يضفي على العمل البرلماني ، طابعًا مقدسًا قوامه الضمير والمحاسبة الذاتية قبل المساءلة القانونية أو صناديق الاقتراع.
فالآية القرآنية المستدل بها وارتباطا بسياق الخطاب، لا يكفي اختزالها بالوعظ ، بل هي دعوة من الملك إلى البرلمان لترسيخ ثقافة النتائج وتسريع وتيرة الإنجاز.
وبذلك يمكن قراءة الآية كـ إطار رمزي لمجلس وزاري مرتقب، قد يتّخذ قرارات حاسمة تتعلق بمشاريع التنمية الترابية، والتعيينات العليا، وتقييم السياسات العمومية في شق كل ما مرتبط بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية المجالية والتي أشار اليها الخطاب بنسبة محددة في 30٪.
الأستاذ مصطفى يخلف
محامٍ بهيئة أكادير
عضو جمعية عدالة
-
التحدي 24قبل سنتين
السمك “مفقود” في الأسواق المغربية وأسعاره تبلغ إلى مستويات قياسية..
-
التحدي 24قبل سنة واحدة
الموت يغيب الصحافي جمال براوي بعد معاناة مع المرض
-
رأيقبل 8 أشهر
الدكتور الخمسي يكتب: “التحدي من اجل البقاء..”
-
رأيقبل سنتين
هل تكون بنت خريبكة أمينة دومان أول فائزة بـ “فيلدز”؟
-
رأيقبل سنة واحدة
ما غفل عنه السيد مصطفى الرميد!
-
بالفيديوقبل 11 شهر
البرلماني الكيحل: الاحتفاء بذكرى المسيرة هاد العام هو احتفاء بـ “ما بعد الحدث” (فيديو)
-
رأيقبل 7 أشهر
قنوات تلفزية عاجزة عن الابداع!
-
مغاربة العالمقبل 10 أشهر
مكتب الصرف:تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تفوق 108 ملايير درهم عند متم نونبر