رأي
هل أصبح حزب الله الخاسر الأكبر في المنطقة؟

الدكتور محمد الخمسي
إن الراصد لحركة الأحداث؛ سيكتشف حقد إيران على محيطها الإقليمي والسعي للانتقام منه منذ نهاية حرب الخليج الأولى، (الحرب العراقية الإيرانية)، التي عرفت عند النظام العراقي ب: “قادسية صدام”، بينما عُرفت في إيران باسم: “الدفاع المقدس”. حرب نشبت بين العراق وإيران من سبتمبر سنة 1980 حتى أغسطس من سنة 1988؛ حيث أكلت إمكانات البلدين، ولعب الغرب دور المدد بالسلاح سرّاً وجهرًا، بشكل يطيل الحرب ولا يسمح بالحسم.
منذ نهاية هذه الحرب، وضعت
إيران خطة اختراق الدول المجاورة ببرنامج “التخريب من الداخل”!،
فساعدت أمريكا على اجتياح العراق، ثم تسلمته منها، فقتلت علماءه، بل المتفوقين من طلبته، ونهبت آثاره ومتاحفه وبنوكه. ومن إنجازاتها؛ إنشاء “داعش” وتدريبها داخل سورية وتخريب مناطق السنة بالعراق، خاصةً في منطقة الفلوجة التي بقيت عصيّةً على أمريكا نفسها.
ادوات التخريب وجغرافيته:
لقد اعتمد النظام الإيراني أدوات دنيئة؛ منها القتل للعقول والأطر العسكريّة العراقيّة، ونشر الفساد في المؤسسات، وتخريب البنية التحتيّة، وتهجير السنّة وتعميم إرهاب أعمى!! ومحاصرة التيار الصدري، لا لشيء؛ فقط لأنه أراد أن يتحرر من عباءة “قم”، وأن يكون شيعة العراق أولى بقضايا الشيعة في العالم.
أما لبنان؛ فقد صنعت فيه حزبًا عسكريًا، أصبح يهدد الجميع. ودخلت به لبنان، فحجمت سيادة هذا البلد الغني ثقافياً وحضارياً، وخربته سياسياً واقتصادياً تخريباً كاملاً، فحولته إلى دولة فقيرة وعاجزة وفاسدة، وعمقت فيه الطائفيّة بشكل رهيب، ونحرت فيه التعدديّة والعيش المشترك، مما يحتاج إلى ترميم عبر عشرات السنين!!
ثم جاء الدور على اليمن، ووجدت عبد الله صالح قد مهد لها بغباء الدكتاتورية، ودون أن يدري؛ يسر لها الطريق، وساعدها في ذلك البحر، أي إيران، بسبب الموقع الجغرافي، فقامت بتسليح الحوثيين، وهدمت دولة، بل حضارة اليمن، واشتغل معول التقسيم، لتتحول أرض “الحكمة يمانية” وأرض الماء والزراعة، إلى بلد الفقر والقات. دولة مكتملة الفشل في كل شيء!
أمّا سورية، فهي العدو التاريخي، لأنها دولة الأمويين، فبدأت بتدمير النسيج الاجتماعي، والتحريض الطائفي، ووجدت أغبى ديكتاتور على الأرض، لتنفيذ مخطط رهيب ضد شعبه ووطنه، ومما زاد من تعقيد الأمر تقاطع المصالح، مما صنع تواطئاً روسياً معها.
هكذا أصبحت سورية بين قتيل وطريد ومهجر وصامت صمت القبور من شدة الخوف. لقد تعرض الشعب السوري إلى تهجير الملايين نحو تركيا، بل إلى مختلف دول العالم الذي كان شاهد على ذلك، وما صورة الطفل السوري الذي لفظه البحر ميتاً على شواطئ اليونان ببعيدة منّا.
ألسنا في أقصى الجغرافيّة من المنطقة ووصلنا السوريون في أسوأ الظرف والحال، واستقبلهم المغاربة بما يليق بتاريخهم من حسن الكرم والضيافة…!؟
لقد تاجرت إيران، وصدقها الكثير من السذج الذين لا يعرفون عقل (ابن العلقمي)؛ بوهم تحرير القدس وفلسطين، حيث استغلوا عاطفة عمياء، ووظفوا قضية حق وعدل، من أجل الاستقطاب، حيث ركزوا على الشباب الذين كانوا وقوداً لمشارعهم الدموية بالمنطقة.
تحرير القدس تلك الخاتم المغناطيس:
عملت إيران باستغلال فكرة عظيمة، اسمها: “تحرير القدس” من خلال دعم “حزب الله”، هذا الحزب الذي كان سلاحه أقوى من سلاح جيش الدولة اللبنانية، ووظفته إيران لأغراضها السياسية تحت عنوان: “المقاومة” التي لم يبق له منها شيء. وكان أهم شرط تحتاجه أي مقاومة في العالم؛ هو استقلال قرارها السياسي. هذا الزر كان ممنوعاً من طرف إيران، إذ جعلت حزب الله جماعة وظيفيّة تنفد الأجندة المكتوبة في طهران.
لقد حرم مبكراً حزب الله، ومنذ النشأة، من استقلال بندقيته. فقد أحكمت إيران القبضة على كل الأدوات التي صنعتها للدعم؛ سواء المالية أو السلاح أو اللوجستيك أو الإعلام والدعاية. وهكذا زاد الانقسام في لبنان، وغدت مشاعر الملايين من العرب والمسلمين في العالم بالوهم، حتى أصبح سلوك طهران مقدساً، لا يجوز انتقاده أو الشك فيه أو حتى مجرد طرح سؤال حوله!
وجاء 7 اكتوبر لينكشف الغطاء:
اتضحت خسائر حزب الله بعد عام من صمود المقاومة الفلسطينية، ليكتشف العالم أن هذه المقاومة التي تدعمها إيران؛ مخترقة إلى النخاع، وقابلة للبيع في كل لحظة، بحيث لم تصمد إلاّ أشهراً معدودات.
جاءت الحرب في غزة والحملة الإسرائيلية الأخيرة، لتضع هذا الحزب على سكة اختبار ميداني. فتحت عنوان جبهة إسناد بقي الأمر ملتبساً إلى أن جاءت “معركة مباشرة” على أراضيها في جنوب لبنان، ودفعت إثر ذلك خلال الشهرين الماضيين الكثير من الفواتير على صعيد قادة الصف الأول، وتصدرها حادثة اغتيال أمينها العام حسن نصر الله. ولم تقتصر الخسائر على ما سبق، إذ بعدما طرأت سلسلة تحولات على شكل استهدافات إسرائيل واستراتيجيتها العسكرية في لبنان، وصلت الحالة المرتبطة بـ «دفع الفواتير” لدى حزب الله إلى مخازن الأسلحة الخاصة به، والتي تضم خليطاً واسعاً من الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، فضلاً عن أشكال متنوعة من القذائف والطائرات المسيّرة. وهناك من يعتبر أن ما تبقى من قدرته أقل من 20 في المئة.
لقد اتضح للعالم أن عدد المقاتلين الذين كان يتحدث عنهم حزب الله بأنه يتجاوز حاجز ال 100 ألف مقاتل، مجرد أسطورة لا واقع لها، واكتشف من أول خطاب للأمين العام الجديد، انخفاض سقف التهديد وواقعية ومحدودية القدرات، كما اكتشف انه ضمن صفقة كبيرة لبقاء نظام إيران قبل بداية الحفر الكبير له.
لقد تم استنزاف مخزون حزب الله من الصواريخ، ودمرت البنية المؤطرة له، والآن بعد سقوط نظام بشار؛ فإن إمكانية إعادة التزويد من إيران لحزب الله، لم تعد متاحة، بل ينتظر وضوح الساحة في سورية، فقد بدأ يتحسس رقبته.
لقد اكتشف العالم أن إيران حقيقة هي أوهن من بيت العنكبوت، حيث يتم اغتيال ضيوفها، وقصة الصواريخ وصلت سقفها، حسب تحليلات بعض “الخبراء” المؤدى لهم مسبقاً على قنوات المنار والميادين…. وغيرها؛ حول قوة إيران وتضخيم قدراتها، أمر لا تصدقه الدول، خاصة وإن حرب أوكرانيا كشفت الكثير.
تبقى ورقة وحيدة ستكتشف مع مجيء (دونالد ترامب)؛ هو ما مستوى تقدم إيران على مستوى السلاح النووي؟ وهل وصلت مرحلة تستطيع بها التهديد، أم أن الأمر لازال في طور البدايات؟
إن سياسة التهويل والتضخيم، سياسة أتقنتها الولايات المتحدة مراراً قبل ضرب العدو.
قراءة سريعة في آخر ظهور للأمين العام لحزب الله:
قال نعيم قاسم: “إن الحزب كان يتوقع حصول العدوان الإسرائيلي على لبنان في أي لحظة، لكن لم يكن يعلم بالتوقيت. وهذا كان قبل طوفان الأقصى وبعده.” وهنا لابد من التوضيح: هل كان الحزب ينتظر من إسرائيل، وهو أمر ليس من أخلاقها؛ أن تعلن عن تاريخ بداية العدوان!؟ بل تاريخياً كانت دائمًا تعتمد استباق العدوان متى توفرت لها الظروف والمعطيات الاستخباراتية، وبالتالي قول الأمين العام هذا؛ لا جديد فيه.
أما قوله إن العدو الصهيوني لم يحقق أهدافه في عدوانه على لبنان؛ فهو يناقض الواقع والحقائق. طبعاً حقق الكثير من الأهداف وسنقدمها في الخلاصة.
هناك حقيقة ومسلمة يريد نعيم قاسم أن يذكرنا بها وكأنها اكتشاف خاص بحزب الله حيث قال: “العدو يريد إلغاء أي مقاومة تقف بوجه مشروعه التوسعي على مستوى كل المنطقة، ونسي أن إسرائيل لا تخفي هذا وتسعى إليه ليل نهار، وبالتالي كل دول المنطقة عبرت أو لم تعبر عن إدراكها لهذه الحقيقة، فهي تعلمها. والسؤال ماذا أعد أو يمكن إعداده لذلك؟
تبقى فكرة أن الجرائم الإسرائيلية ليست إنجازاً، وهذه حقيقية لا تختلف عليها العقول السوية…! فالإبادة أكبر جرائم الأرض، ولا تعتبر نصرًا أو إنجازاً في التاريخ، بل جرائم ضد الإنسانية.
أمّا قول إن العدو الإسرائيلي أدرك أن الأفق أمام مقاومة حزب الله مسدود، فذهب إلى وقف إطلاق النار، فالمسرب من المعلومات أن حزب الله قبل بالشروط الإسرائيلية عبر الوسيط الأمريكي مع (نبيل بري)، وأن التعديلات لم تؤثر عن البعد الاستراتيجي للاتفاق الذي هو لصالح إسرائيل، وما تم تعديله هو من باب الاستهلاك السياسي، وخاصة أمام أنصار حزب الله وأعضائه واتباعه.
لا شك أن نعيم قاسم يريد أن يقول إننا لا زلنا في المعادلة وننتظر بعد سقوط النظام السوري، ومن المؤسف إنه لم يشر إلى كلفة ما دفعه هذا الحزب لإطالة عمر هذا النظام المجرم من سنة 2011 إلى سنة 2024، وسنقدمها في الخلاصة، حيث قال: “سقط النظام السوري على يد قوى جديدة، ولا يمكننا الحكم عليها إلا بعد استقرارها وانتظام الوضع في سورية، هنا قد أكد على حقيقة واحدة ان حزب الله خسر في المرحلة الحالية طريق الإمداد القادم من سورية، قائلا: “لكن هذا تفصيل صغيرة وقد يتبدل مع الزمن” و في الحقيقة والموضوعية العسكرية هذه ليست صغيرة ومن الصعب تغييرها مع الزمن، بل شرايين الامداد اذا قطعت ستشل اليد العسكرية لهذا الحزب.
الخلاصة
الذين يحملون فكرة حزب الله كنموذج مقاومة ضد إرادة الدولة الوطنية، لهم هذه الحصيلة المؤقتة خلال شهرين:
خسروا الصف الاول والثاني من القيادات السياسية،
خسروا الصف الاول من القيادات العسكرية،
قدموا أكثر من 5000 قتيل في سوريا بدون فائدة وظلما للشعب السوري وتعميقا للجرح الطائفي،
صنعوا عداء مطلقا ضدهم في سورية ولبنان وتركيا اضافة إلى الأردن ومن زمان،
استقر بهم الحال خلف الليطاني، مع مراقبة جنيرال امريكي لأي حركة عسكرية منهم داخل لبنان،
حظر تجول والمنع التام للإشهار السلاح، وبالتالي نزع التغول على اللبنانيين،
افتقدوا اعينهم على مطار لبنان، الذي كان شبه تابع لهم امنيا،
خلقوا حذرا شديدا منهم في جميع الدول العربية، لأنهم بدأوا في تنزيل فكرة التدريب على حرب العصابات، آخرها تدريب الجناح العسكري لمليشيات (البوليزاريو) التي تعيش ايامها الاخيرة، وهي واحدة من عدوانهم على الاستقرار في شمال افريقيا،
تخلت عنهم إيران بعدما انتهت مهمتهم الإقليمية وتجفيف منابعهم المالية،
والأشد والأسوأ أطلقوا كل رصاصهم لدعم بشار، الذي لم يطلق رصاصة واحدة ساعة الجد لدعم نظامه، بل سلم كل المعلومات المتعلقة بهم معناه ايام تصفيات ومطاردة أسوا من التي عاشوا من قبل.
التحدي 24
دور المغرب في حفظ السلام (تحليل)

محمد الخمسي
يعد المغرب من الدول التي تساهم في جهود حفظ السلام الدولية من خلال مشاركته الفعالة والملتزمة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، حيث يرسل قوات عسكرية وشرطية ومدنية إلى مناطق النزاع لتعزيز الاستقرار وحماية المدنيينن وهو أمر لايمكن الحصول عليه إلا من خلال ثقة وإحترام كل الاطراف للمغرب وقيادته.
يرتكز دور المغرب على تاريخ عريق في الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة لحفظ السلام، وإقتناعه الراسخ أنها من أفضل الوسائل في العلاقات الدولية، والتي تشمل عدم استخدام القوة إلا في حالات الدفاع عن النفس والدفاع عن التفويض، والحصول على موافقة الأطراف المتحاربة، والحفاظ على الحياد التام وعدم التدخل في شؤون الدول أو العبث بأمنها واستقرارها أو التحيز إلا أحد أطراف الصراع وإطالته.

المغرب موضع الثقة في حفظ السلام:
شارك المغرب ولازال يشارك بفعالية ومسؤولية في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، مرسلاً أفراداً وفرق مدربين من مختلف القطاعات وخاصة القطاع الصحي، مع الالتزام بالمبادئ الأساسية لحفظ السلام، والتي تشمل الموافقة على نشر العمليات، وعدم استخدام القوة إلا في حالات ضرورية لحماية المدنيين أو تنفيذ المهام، وقد اكتسب خبرة كبيرة في ذلك، هذه الخبرات المتنوعة التي بناها عبر الزمن بكفاءة قواته العسكرية والمدنية، مما ساهم في نجاح العمليات المختلفة، وقد حقق بذلك تعزيز الاستقرار الإقليمي وتعزيز الاستقرار في مناطق النزاع، مما يدعم السلام والتنمية.
تذكير بالمهمة النبيلة
تعتبر مبادئ حفظ السلام من مهام الممنتظم الدولي والتي تشترط موافقة الأطرافليتم نشر عمليات حفظ السلام بموافقة جميع الأطراف الرئيسية في النزاع وعدم التحيز والبقاء على الحياد لضمان فعالية عملياته، مع تجنب استخدام القوة إلا للدفاع عن النفس والولاية التي تمنح القوة لقوات حفظ السلام فقط في حالات الدفاع عن النفس أو الدفاع عن التفويض الذي يحدد مهامهم .
يعتبر مؤشر العدالة العالمية كمقياس صادر عن مشروع العدالة العالمية (WJP) الوسيلة المثلى لمعرفة مدى التزام الدول بمبادئ سيادة القانون، ويشمل ثمانية عوامل رئيسية لتقييم الحكامة والحقوق الأساسية، وينشر سنويًا. وتعتمد نتائجه على استبيانات تستهدف الأسر والخبراء والممارسين القانونيين، مما يجعله أداة موثوقة لصانعي السياسات والباحثين، و مشروع العدالة العالمية. يهدف هذا المؤشر إلى تقييم مدى فعالية سيادة القانون في الدول، مما يساعد على تقليل الفساد، ومكافحة الفقر والمرض، وحماية الناس من الظلم.
يغطي المؤشر 140 دولة ووحدة قضائية حول العالم كما يعتمد على بيانات تم جمعها من خلال استبيانات تشمل أكثر من 150 ألف أسرة محلية و 3600 خبير وممارس قانوني في كل دولة، ويقيس المؤشر ثمانية عوامل رئيسية لتقييم سيادة القانون، منها القيود المفروضة على السلطات الحكومية وغياب الفساد واحترام الحقوق الأساسية. وأعتماد الحكومة المفتوحة والأمن مع العمل على تنزيل أنظمة العدالة التنظيمية والمدنية والجنائية.
المغرب في موقع متقدم بين دول حفظ السلام
أكد مؤشر العدالة العالمية لعام 2024، الصادر عن معهد الدراسات المتقدمة في العلوم الاجتماعية بجامعة فودان في شنغهاي، على الدور البارز للمغرب في مجال حفظ السلام الدولي، حيث احتلت المملكة المرتبة 18 بين 198 دولة شملها التقييم. ويرجع هذا التقدم إلى مشاركة المغرب الفاعلة في بعثات حفظ السلام، خصوصًا في القارة الإفريقية، حيث يساهم بقواته في مهام جمهورية إفريقيا الوسطى مينوسكا)، ومالي (مينوسما)، والكونغو الديمقراطية (مونوسكو)، إضافة إلى بعثة يونميس في جنوب السودان.
إن المغرب من خلال حضوره ومساهمته يقوم بمساعدة الدول على الانتقال من النزاع إلى السلام المستدام ،وتوفير الأمن والدعم السياسي وبناء السلام في المناطق التي مزقتها الصراعات، وبدعمه للمبادئ الأساسية واعتماد سياسة وثقافة الحياد الايجابي وعدم التحيز الذي يزيد من الصراع وإيمانه الراسخ أن استخدام القوة باستثناء الدفاع عن النفس والدفاع عن ولاية حفظ السلام تجغله محض ثقة الاطراف، مما وفر في كثير من الصراعات بيئة أمنية مستقرة لحماية المدنيين ودعم العمليات السياسية.
من خلال بناء السلام وتعزيز مؤسسات الدولة التي تعرف الصراع وتطوير البنية التحتية الضرورية للسلام على المدى الطويل ، علما أن الامر فيه كثير من التحديات والمخاطر ، بحيث يتعرض عناصر حفظ السلام لأعمال عنف وخطف وقتل في بعض النقاط الساخنة حول العالم جعل من مشاركة المغرب بشكل فعال في عمليات حفظ السلام بأفريقيا ومن خلال تقديم قوات عسكرية ومساهمات لوجستية مجل ثقة في المنتظم الدولي، كما يعتبر من أكبر المساهمين الأفارقة في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. إن التاريخ الطويل من المشاركة في مهام السلام في القارة حعل للمغرب سجلاً حافلاً بالمشاركة في مهام حفظ السلام بالقارة الأفريقية، بل يعد من الدول الأفريقية الرائدة في هذا المجال، حيث عززت جهوده مع أطراف دولاية أخرى من استقرار القارة الأفريقية من خلال هذه المشاركات،وعكست عمليا التزامه بدعم السلام والأمن في المنطقة.إن القوات المسلحة الملكية مفخرة وإعتزاز وشرف لكل المغاربة بحيث وظف المغرب جزءا من قوته الصلبة في شكل قوة ناعمة وهذا من ذكاء الامة المغربية.
رأي
الاستعراض العسكري الصيني وبعض رسائله.. (تحليل)

محمد الخمسي،
شهد العرض العسكري ” الذي تم تنظمه في الصين، الأربعاء، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية في ” ساحة تيانانمن” المملوءة بالدلالات والرمزبة حدثا مهما ومع ظهور الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون معًا لأول مرة إشارة الى تحالف أكثر من تقليدي خاصة وأن الحفل عسكري بإمتياز.
كشفت الصين في هذا اليوم عن أسلحتها النووية الأكثر تطورًا في العرض، وفي ظل حرص القادة المناهضين للغرب على الوحدة وعلى بعث رسالة جدية أن الامن في العالم لن يكون إلا بمشاركة الجميع .
هذا الاستعراض يمثل حدثا لأول مرة” حيث جمع شي و بوتين وكيم “معا” ثلاثي يملك ترسانة نووية رهيبة، قادرة على تدمير الحياة فوق الارض عشرات المرات وليس مرة واحدة.
شارك قادة آسيوييون العرض العسكري مثل رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، والرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، والرئيس المنغولي أوخناجين خوريلسوخ، وغيرهم. وهي رسالة أخرى أن كل قارة قد تدافع عن نفسها وفق تكثلات جديدة. بل إستطاعت الصين أن تقنع أطرافا من أوروبا، كرئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش بالمشاركة والحضور، ويمثل العديد من القادة الآخرين بقاعًا أخرى من العالم، من إفريقيا إلى منطقة البحر الكاريبي، بمن فيهم الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، ورئيس جزر المالديف محمد معزو.
عندما أسقطت سبع قاذفات شبح من طراز B-2ما عدده 14 من أقوى الأسلحة التقليدية في العالم على الهدف دون التعرض لأي نيران مضادة من طرف إيران، تساءلت عدة اطراف عن القدرات الصينية الحالية في الهجوم على ايران، وكان الجواب أن السيادة الأمريكية على الجو لا زالت تخيف الاعداء والاصدقاء، ولم يُظهر سلاح الجو الصيني حتى الآن قاذفة شبح من فئة B-2، رغم التقارير التي تُشير إلى أنها قيد التطوير، وحتى مع ذلك، فإن الجيل القادم من القاذفات الأمريكية، B-21، لا يزال في مرحلة النموذج الأولي.
قول الجنرال المتقاعد في الجيش الأسترالي، ميك رايان، بتصريح لـcnnإنه يعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال أقوى جيش في العالم، “ولكن ربما بهامش أقل مما كانت عليه لعقود عديدة” مع تقليص الصين للفارق إعتراف ضمني أن الفارق أصبح ضئيلا ، وأضاف أن “الجيش الصيني متطور للغاية من الناحية التكنولوجية.. والأهم من ذلك، أنه يبني كل ما يحتاجه محليًا تقريبًا”، مضيفًا أن هذا يعني أن بكين لا يمكن “إكراهها” من قبل موردي الأسلحة الأجانب، لكنه أشار إلى أنه لم يتم اختبار أي من الأسلحة المعروضة في القتال. وتابع:
“رغم أنها تبدو مثيرة للإعجاب ظاهريًا، إلا أن العروض العسكرية ليست مؤشرًا جيدًا على الفعالية العسكرية”.
إن الصين باستعراضها العسكري بعثت برسائل منها :
1 النظام والانتظام والتنظيم،
2 ملامح المشاركين كلهم في سن الشباب ، والقيادات في سن الكهولة بل اعمار متقدمة، معناه تكامل الأجيال
3 إشارات قوية لحضور التكنولوجيا ونوعيتها مع الحضور جوا وبرا وبحرا، وهي سمة الامبراطروريات المعاصرة،
4 الصرامة انطلاقا من أعلى سلطة سياسية، وتبدو من خلال الاستعراض الذي استغرق ساعات،
5 وحدة الأمة الصينية وتجلت في افتخار الجميع بقوة الردع وحماية الصين،
6 رسائل الي الجوار الإقليمي والدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية،
7 هذا الاستعراض قال بلغة شديدة التركيز لا معنى للسياسة الا بقدر ما تملك من قوة لتنفيدها،
الدرس من الصين على رأس من يقصد به الغرب، ولعل الانجليز يتذكرون كم كان لهم من صولة وجولة هناك، وكم كانوا يهيمننون على بحار تلك المناطق.
والخلاصة أن هناك لاعبين جدد يجب نسج العلاقة معهم، بل وتغيير وجهة الدراسة نحوهم، ومنهم الصين وتعلم الصينية من بعض مفاتيح المستقبل. وحتى المؤسسة العسكرية يمكن أن تستفيد من الصين، فبوصلة العالم تعددت اقطابها وفي الأرض متسع لخيارات وطنية حكيمة عقلانية.
رأي
تآكل الحدود بين المدني – الجمعوي والرسمي: مقاربة في ضوء مفهومي السلطة والشرعيّة

الدكتور محمد الخمسي
تتناول هذه الورقة حالة إشكالية تكشف عن تآكل الحدود بين أدوار الفاعلين المدنيين الجمعويين وأدوار المؤسسات الرسميّة في السياق العام التربوي المغربي، حيث يقوم بعض رؤساء الجمعيات بتوجيه تعليمات مباشرة إلى الأطر التعليميّة، في سلوك يتجاوز حدود الاختصاص القانوني، ويعيد طرح سؤال الشرعيّة والهيبة المؤسسية.
تستند الورقة إلى مقاربة نظرية مزدوجة لفهم ديناميات هذا الانزياح:
- مفهوم السلطة المشتتة عند ميشيل فوكو،
- ومفهوم الشرعيّة القانونيّة والعقلانية عند ماكس فيبر،
تُظهر بعض الممارسات المدنية في المجال العمومي ميلاً متزايداً إلى التوسع في الاختصاصات على حساب المؤسسات الرسمية، بحيث يتقمص الفاعل الجمعوي أدواراً سيادية ليست من صلاحياته.
هذا، ومن أبرز هذه الممارسات توجيه التعليمات إلى نساء ورجال التعليم بضرورة الالتحاق بمقرات العمل، وهو سلوك يبدو في ظاهره خدمة وطنية، لكنه في العمق يطرح أسئلة عن شرعية الخطاب ومآلاته المؤسساتية.
هنا ثلاثة اسئلة جوهريّة تفرض نفسها: - كيف يُعاد إنتاج السلطة خارج فضائها المؤسسي الرسمي؟
- هل نحن أمام مجرد مبادرة فردية، أم أمام تجلٍّ لما يسميه فوكو بـ”انتشار السلطة” عبر شبكات غير متوقعة؟
- ما أثر هذه الممارسات على الشرعية القانونية – العقلانية التي اعتبرها فيبر أساس استقرار المؤسسات الحديثة؟
- (شارل دو فوكو) والسلطة المنتشرة:
يرى شارل دو فوكو أن السلطة لا تُمارس فقط من الأعلى إلى الأسفل، بل تتوزع عبر شبكات المجتمع وخطاباته. في هذا الإطار يمكن قراءة تدخل رئيس جمعية باعتباره محاولة لإنتاج سلطة رمزيّة جديدة، عبر خطاب يوحي بالمراقبة والانضباط، حتى قبل بداية الموسم الدراسي. - (ماكس فيبر) والشرعية:
يؤكد ماكس فيبر أن الشرعية في الدولة الحديثة تقوم على أساس الطابع “القانوني – العقلاني” للسلطة، حيث تُمارَس الاختصاصات وفق قواعد واضحة ومؤسسات محددة.
هذا، وأي تجاوز لهذه القواعد يؤدي إلى تآكل الشرعية، ويقوض الثقة في المؤسسات الرسمية، إذ يصبح موقع الوزير ذاته قابلاً للمنازعة والتقزيم.
إن خطاب الفاعل الجمعوي محل النقاش ينطوي على ثلاث مخاطر أساسية: - خطر الاتهام المسبق:
إذ يستبطن دعوى تقاعس الأطر التعليميّة دون سند واقعي أو قانوني، مما يضعف ثقة الفاعلين في المؤسسة. - خطر التشويش المؤسسي:
فبدل دعم انطلاقة الموسم الدراسي، يتحول الخطاب إلى عنصر إرباك، ويغدو مصدراً للقلق بدل أن يكون دعامة للتعبئة. - خطر الهيبة الرمزية:
حيث يُختزل موقع الوزير في صورة قابلة للتجاوز، فيتآكل البعد الرمزي للمنصب العمومي، وتصبح “السلطة الرسميّة” مجرد موقع تفاوضي بين فاعلين مدنيين.
وهنا تبرز المفارقة:
فبينما تركت قضايا بنيوية حقيقية ـ مثل الاكتظاظ، والنقل المدرسي، والمطاعم المدرسية ـ دون معالجة، جرى استهلاك الجهد الرمزي في ممارسة سلطة لا يخولها القانون، ما يعكس حالة من إعادة هندسة غير معلنة للسلطة داخل الحقل التربوي.
خلاصة:
تكشف هذه الحالة عن مظهر من مظاهر التسيب المؤسساتي، حيث تتآكل الحدود بين الأدوار المدنية والأدوار الرسمية، ويتعرض البعد الرمزي للسلطة العمومية لعملية تقزيم.
- (شارل دو فوكو) والسلطة المنتشرة:
- من منظور فوكو، نحن أمام مثال على انتشار السلطة خارج مواقعها الرسمية عبر خطاب جمعوي يسعى لإنتاج شرعية بديلة.
- ومن منظور فيبر، نحن أمام تهديد مباشر للشرعية القانونية – العقلانية التي تُعد أساس استقرار المؤسسات.
يبقى السؤال مفتوحاً: كيف يمكن ضمان توازن دقيق بين حق المجتمع المدني في النقد والمساءلة، وبين ضرورة حماية الهيبة والشرعيّة المؤسساتيّة للدولة؟
-
التحدي 24قبل سنتين
السمك “مفقود” في الأسواق المغربية وأسعاره تبلغ إلى مستويات قياسية..
-
التحدي 24قبل سنة واحدة
الموت يغيب الصحافي جمال براوي بعد معاناة مع المرض
-
رأيقبل 7 أشهر
الدكتور الخمسي يكتب: “التحدي من اجل البقاء..”
-
رأيقبل سنتين
هل تكون بنت خريبكة أمينة دومان أول فائزة بـ “فيلدز”؟
-
رأيقبل سنة واحدة
ما غفل عنه السيد مصطفى الرميد!
-
بالفيديوقبل 10 أشهر
البرلماني الكيحل: الاحتفاء بذكرى المسيرة هاد العام هو احتفاء بـ “ما بعد الحدث” (فيديو)
-
رأيقبل 6 أشهر
قنوات تلفزية عاجزة عن الابداع!
-
رأيقبل 6 أشهر
فرصة تاريخية ليكسب المغرب أوراقا لصالحه.. (تحليل)