Connect with us

رأي

قراءة في استقالة حكومة السلطة الفلسطينية

بتاريخ

*محمد الخمسي

اعلن محمد اشتية استقالة حكومته لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس الإثنين، علما بان هذه الحكومة لم تستطع أن تقدم شيئا لوقف الإبادة في غزة، بل بوعي او بدون وعي ساعدت المحتل الغاصب على التركيز على غزة والاستفراد بها، اذ لو كانت المظاهرات والاحتجاجات قوية و حركة الفلسطينين غير مقيدة من طرف السلطة لكان هناك ضغط على المحتل، قد يخفف الكثير من العدوان بتشتيت التركيز وانهاك المحتل، وخاصة مؤسساته الأمنية والعسكرية، ومساعدة المعارضة بالضغط السياسي في ملف المحتجزين على حكومة متطرفة عنيفة دموية، الضغط من تركيزه و عدوانه، ومن هنا جاء تصريح محمد اشتيه :
أود أن أُبلغ المجلس الكريم، وشعبنا العظيم أنني وضعت استقالة الحكومة تحت تصرف السيد الرئيس.
غير ان هذه الاستقالة يرافقها تعبير سياسي ملتبس وكأنها تقول يجب الاستعداد لمرحلة قادمة ستنشأ على دمار غزة ليس لبناء جبهة وطنية قوية ومتماسكة وانما للاستفادة من الواقع المستجِد في قطاع غزة، والسعي للاغتنام الفرصة في بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين، ويعبر قائلا:
ومن أجل ذلك، فإنّني أضع استقالة الحكومة تحت تصرّف السيد الرئيس؛ لاتخاذ ما يلزم لخدمة شعبِنا العظيم ووحدة قواه المناضلة، حسب قوله.
ان البرنامج السياسي الوطني الفلسطيني لايمكن له النجاح او اسباب النجاح اذا لم ياخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاحداث والمتغيرات ومنها:
1 الوعي التام والمطلق ان المفاوضات بدون دراع للمقاومة في كامل التراب الفلسطيني المحتل لن تحرر الشعب الفلسطيني، فقد عبر قادة المحتل عن الرغبة السريعة في ابتلاع ما تبقى من الارض وان اختلفوا في الطريقة، فالثابت هو اخذ كل الارض والمتغير فقط الاسلوب والوسيلة.
ان هنا هناك حقيقة تاريخية في العالم تتلخص انه لن يكون استقلال دون مقاومة داخلية متنوعة، بكل ما تعترف به المواثيق الدولية من حق الدفاع عن النفس وطرد المحتل.
2 تحويل الزخم العالمي والانساني الذي ساند ويساند قضية فلسطين لكونها قضية إنسانية عادلة، قضية جوهرها حماية شعب من الإبادة والعنصرية، والاعتراف بحقوقه وخاصة دولة كاملة السيادة عاصمتها العاصمة التاريخية القدس.
3 توجيه الجهد والعمل الفلسطيني الى الدفاع عن الشعب الفلسطيني والاخذ بكل اسباب المقاومة، وخاصة ان المحتل اصبح مدمرا لكل فرص وجسور السلام، بل خلق ظروف وشروط استحالة تحقيق اي نوع الا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فهناك إبادة في قطاع غزة، وتصعيد غير مسبوق في الضفة الغربية، ومدينة القدس،
ان برنامج المحتل واضح العناصر والمكونات فهو يعتمد هجمة شرسة غيرِ مسبوقة تعتمد إلابادة الجماعية، ومحاولات التهجير القسري، والتجويع في غزة، وتكثيف الاستيطان، وإرهاب المستوطنين، مع الاجتياحات المتكررة في القدس ليدفع ساكنتها الى الرحيل، جعل الضفة تحت الضغط النفسي والاستنزاف المعنوي، وللمخيمات مسرح الاغتيالات، و تخريب مقومات الحياة في القرى ووالمدن، وإعادة احتلالها. يواكب ذلك خنق مالي غيرُ المسبوق أيضا إلا بشرط تعاون امني يصل حد الخيانة الوطنية فهو يريد تحويل السلطة الفلسطينية إلى دراع امني بامتياز وليس مؤسسة تمثل الشعب الفلسطيني ومصالحه اولا وقبل كل شيى.
لقد اعتمد المحتل مشروعا تدميرا اخر هو تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتنصل من كل الاتفاقيات الموقعة،
مع العمل والحرص على الضم المتدرج للأراضي الفلسطينية، والسعي لجعل السلطة الوطنية الفلسطينية، سلطة إدارية أمنية وبلا محتوى سياسي، بالاختصار اصبحت المرحلة زمن المقاومة الشاملة وليس زمن توزيع الادوار والانشغال بل الحرص على أمن المحتل العدو قبل حياة الفلسطينين.
3 لقد يأس الفلسطينيون من يقظة الضمير العربي ومع ذلك لازال ينتظر الجواب على سؤال واحد:
ما هو واجب الواجب للانقاذ الفلسطينين وانقاذ ماتبقى من الأماكن المقدسة بما تحمله من رمزيات، قبل أن يكون الاوان قد فات؟ ان الامل يبقى في تفاوت الجواب ولكن بقدر ما سيساهم في حماية القضية والشعب الفلسطيني وتمكينه من ايجاد طريق الحرية والاستقلال.
وكخلاصة،
رغم الثمن الكبير الذي دفعه الفلسطينيون بارواحهم ودمائهم و ابنائهم ونسائهم، فإن الجسم العربي والاسلامي تبين انه عاجز كل العجز ومشلول الإرادة فاشجعهم كتب بيان تنديد وأجبنهم ربما وقف الى جنب العدو بكل إمكانياته وامكاناته حتى تسهل جريمة الوأد وان شروط تحرير فلسطين تحتاج شروطا حضارية ثقافية اكبر من شروط سياسية واقتصادية، اننا نكتشف الفجوة الكبرى بين احلام التحرير ويقضة الواقع وقساوته، وربما جزء من عملية تحرير فلسطين تحرير إرادة العالم الاسلامي بعنوان كبير بدون مضمون لحد الان.

رأي

 الدرون والأغنام وفخامة “الرئيس”..

بتاريخ

الكاتب:

محمد الخمسي*

اثار انتباهنا حديث لفخامة “رئيس” دولة الجارة الشرقية حول استعماله للدرون لمعرفة عدد رؤوس الاغنام حيث اكتشف انها 17 مليون رأس غنم، وهو عمل مشروع واعتماد اتكنلوجيا الحديثة فيه مطلب اساسي، غير أن اصحاب الاختراع كانوا يتمنون استعمالها بشكل أفضل، وهنا نود تذكير فخامة الرئيس في استعمالات اهم من احصاء رؤوس الاغنام من اجل المساهمة في الامن والاستقرار بالمنطقة منطقة الصحراء الكبرى و دول الجوار وهي منطقة في حاجة إلى الدرون  يمكن ان تقوم بها على الوجه الانساني والأمنية بامتياز:

1- رصد الهجرة الافريقية التي يتم توجيه مسارها وتدفقها إلى الدول المجاورة واغراقها في عدم الاستقرار، مثل ما تعيشه تونس الان، بل هلاك الكثير منهم عند عبور المسار الطويل داخل تراب الجزائر وبسبب طرق غير إنسانية تستعمل ضد هؤلاء الافارقة، وترغمهم على اعتبار الجزائر مجرد عبور من الجحيم، وقد نشرت مقاطع مرعبة في المواقع الاجتماعية وشبكات التواصل الاجتماعي تبين كيف يلقي المهاجرون بانفسهم من الشاحنات هربا من العذاب و من التجارة فيهم، والدرون يسهل على الجارة الشرقية رصد هؤلاء، والتدخل بانقاذهم من العطش او الاتجار فيهم، خاصة وان الصحراء مكشوفة اكثر من مناطق الرعي والكلأ والماء،

2- معرفة الجماعات المسلحة على الحدود، والتي تهدد استقرار اكثر من بلد، ومراقبة تهريب الإبل والماشية والاتجار فيها من طرف هذه الجماعات ضدا في رحل الصحراء، وقبائل الطوارق الذي عاشوا عشرات السنين في أمن وٱمان حتى ظهرت جمهورية الوهم، فظهر معها الخوف وعدم الاستقرار بالمنطقة،

3- المتابعة والمراقبة  والتدخل ضد تجارة السلاح التي تشمل حدود خمس دول، ومنها ليبيا والسودان ومالي و التشاد موريتانيا، وقد ازدادت تجارة الموت بعد اشتعال نار الحرب الأهلية في بلد بحجم السودان، و الصراع السياسي المسلح في الشقيقة ليبيا، وما ترتب عن ذلك من فوضى امتلاك الأسلحة وانتشارها بين السكان، وتهديد الاستقرار والسلم بالمنطقة،

4- اعتماد الدرون لمتابعة حياة البؤس و الجحيم في مخيمات تيندوف، التي وعلى امتداد نصف قرن لازال الناس يعيشون في منازل بئيسة حزينة ليست فيها مقومات الحياة، وتحت حرارة تفوق الاربعين درجة، وماء محمول في الشاحنات، وسلة غذاء من مساعدات المنظمات الدولية، يسرق جلها من طرف الذين يسهرون على رعاية وحماية الوهم.

لاشك أن الذين صنعوا الدرون فكروا اكبر من احصاء رؤوس الأغنام، ولكن العجز وضيق الافق وقف عند سقف احصاء هذه الاخيرة، فهي اسهل من مراقبة الهجرة واحصاء الفوضى المصنوعة في مخيمات الجحيم والعار.

اكمل القراءة

رأي

رأي: الزمن المدرسي ودور قواعد التربية الأسرية!

بتاريخ

الكاتب:

الدكتور محمد الخمسي*

حين يصل التلميذ الى المدرسة فهو لا يصل كمادة خامة أو وعاء فارغ، وإنما يصل حاملا معه اثار التربية داخل اسرته، بل ويحمل اثار قيم المجتمع الذي يحتضنه ويعيش فيه، هذا التلميذ ليس صفحة بيضاء سلمت للمدرسة كي تشكلها كما يعتقد الكثير، وهو اعتقاد خاطئ، هذا التلميذ يحمل معه اسئلة مستنزفة للمؤسسة، وغير مجدية في تكوينه، ظاهرها البحث عن الجواب، وباطنها يعكس حجم الفراغ الذي يعاني منه هذا التلميذ، ومن بين هذه الاسئلة وهي بالعشرات ما يرهق الاستاذة أو الاستاذ ويبدد الزمن المدرسي، نتناول في المقالة مجموعة منها منتظمة تحت عناوين كبرى ودون تفصيل الا بقدر ما يسمح به المقال.

1 اسئلة التلميذ التي تدور حول الكتاب المدرسي:

سنتناول بعضها مقترحين طرق التربية التي تساعد على الإجابة عنها، اسئلة منبعها الفقر الذي تعيشه بعض الأسر التي تعجز عن توفير الكتاب المدرسي، الكتاب الذي لا غنى عن للتدريس والتحصيل به وعبره، اللهم اذا اردنا ان يكون القسم امتدادات للحلقة الاجتماعية مثل نموذج “جامع الفنا” فتلك الحلقة لا تتطلب دفترا او قلم رصاص، من هنا فسؤال من مثل ان يطلب التلميذ كتابا مدرسيا لزميله، او ان يغير المكان حتى يستطيع المتابعة في مطالعة صديقه، او ان يطلب من القسم المجاور الكتاب من قريبه، كلها اسئلة من تلميذ عجز عن استحضار الكتاب المدرسي، او في الحد الادنى يعيش فوضى في بيته إلى درجة انه يضيع كتابه المدرسي داخل هذا المنزل، ويترتب عن هذا ان الاستاذ مطالب منه تدبير أزمة نقص الكتاب المدرسي داخل القسم، ومعها كثير من الاسئلة التي تأكل زمن التدريس دون فائدة، هنا يمكن اقتراح حلول بسيطة وناجعة، ومنها توفر الخزانة المدرسية على قدر من الكتب التي تيسر الأمر وتحقق حدا أدنى من النسخ التي تفيد بالغرض وتساعد على تجاوز سؤال الحاجة للكتاب المدرسي، ولما لا ان توجد لوحات إلكترونية تحتوي على الكتاب المدرسي، حيث يستدعى استعمالها عند الضرورة والحاجة.
إن فتح نقاش لمعرفة أسباب عدم وجود الكتاب المدرسي مرة واحدة في أول السنة وتبنى حلول نهائية مع انطلاق الموسم الدراسي ستغلق الباب أمام هذه الاسئلة باجوبة عملية مفصلة على كل حالة بما يناسبها، وهو عمل تربوي اخلاقي إحساني يتم تحقيق الجواب عنه في أول السنة مع الاستراحة من تكراره.

2 اسئلة مرتبطة بالتدريب وامتلاك مهارات ايجابية:

ان سؤال استئذان الاستاذ بالدخول إلى القسم، وسؤال هل نكتب تاريخ اليوم في الصفحة الجديدة؟ او سؤال اي الالوان ممكن استعمالها؟ وسؤال تغيير المكان داخل الفصل، اوسؤال الكتابة على هامش الصفحة، وسؤال اخطأت في تاريخ اليوم! وعشرات الاسئلة التي ليست في عقل التلميذة او التلميذ الا اسئلة جادة، وقد تكون في عقل الذي لا يشتغل بحقل التربية والتعليم اسئلة متعبة وتافهة.
هذه الاسئلة واخواتها تحتاج اولا الى اعتماد مقاربة نفسية اجتماعية بالاساس، ومعرفة طرق تهذيبها والحد منها، وتوجيه السائل او السائلة عنها بحسن التصرف دون الحاجة إلى الاستئذان، ومن أنجع الطرق هو فتح نقاش في بعض الحصص مع التلاميذ واستخراج الحلول منهم، وتدريبهم على الاستقلال في الراي والقرار والسلوك ، دون الحاجة إلى مطالبة إذن الاستاذ مخافة الوقوع في الخطأ، أو الحرص على القيام بالصواب، هنا يتجلى ذكاء المدرسين في عبارة واحدة:
المرونة ثم المرونة، وتمرير قواعد تربوية تعليمية عامة تجيب عن مثل هذه الاسئلة

.3 عبارات التواصل بين الكلام الفاحش والكلام العنيف:

هناك خانة من الاسئلة مرتبطة بعملية التربية مباشرة وليس عملية التعليم فقط، ومنها قاموس الالفاظ الخادشة للحياء ويعتبر عنها في الثقافة الشعبية:
“أستاذ هذا قالي كلمة خايبة”
يدخل على الخط قائلها و الشاهد على القول “أستاذ نعم قالها ليها، وجواب الانكار من شاهد اخر ” أستاذ راه ما قاليها والو” ، هكذا نصبح امام أربعة تلاميذ في قائل وشاهد على القول ومنكر للقول والتلميذة المعنية بالقول، حادثة داخل القسم في الحد الادنى ستأخذ خمسة دقائق، وهو زمن مهم اذا تم رصد التراكم فيه، بل يترتب عن هذا القول عنف خارج القسم وقرب باب المؤسسة مباشرة بعد مغادرتها، ونصبح في ثلاثية الاسر والإدارة والقيم وتتبعها اسئلة من مثل:
أستاذ راه ضاربها على برا و أستاذ راه هو اللي جبدنا، وتطورت احداث بدأت بهذا المستوى لتصل الى القضاء،
ان غياب الاسرة عن عملية التنسيق والتأطير والتربية والتوجيه وخاصة رصد الالفاظ المعبر عنها من طرف الأبناء، تجعل من نساء ورجال التعليم ضحايا هذا المعطى الاجتماعي، فهم ينتقلون في زمن وجيز من التعليم والتربية والتوجيه الى مخفر للشرطة والقيام بالتحقق من القول من عدمه، كل ذلك على حساب باقي التلاميذ في التربية والتحصيل، أمر يؤدي الى استنزاف زمني آخر بسبب غياب مساهمة الاسر في توجيه ابناءها وتربيتهم على ما يقال وما لا يقال خاصة في فضاء اسمه المدرسة،

4 تجاوز العتبة الاجتماعية في التواصل والحوار في المستوى الثانوي:

حين تصل الجرأة بالتلميذ او التلميذة في الثانوي ان يقول او تقول:
أستاذ عطيني واش ممكن تعطيني ستيلو ديالك؟
الاستاذ هدي مسكة زوينة واش تاخذ وحيدة منها؟
استاذة او استاذ كتعجبني الريحة لي كتستعملي او كتستعمل!!
أستاذ جات معك اللبسة او أستاذ شفتك البارح كادور في السويقة مع واحد السيدة واش هاديك مراتك؟
حين تصل اللغة الى هذا المستوى من الإشارة والاحياء، فرغم استحضار كمية من العفوية والبراءة، فإنها اسئلة ممهدة اجتماعيا بتكسير الحواجز والمرور الى الخصوصيات، ولاشك انها اسئلة كاشفة عن بعض الاغراض المراهقة، ومن وراءها وان قيلت بغلاف التنكر من اشاراتها، رسائل تعرفها سن واعمار الثانوي، وهنا يجدر برجل وامرأة التربية والتعليم ان تسترد المبادرة، وتفصل بين الخاص والعام و تؤكد على المواقع والادوار، وان تقوم بواجب التربية والتوجيه وان تبني خطابا تواصليا ذكيا يتجنب الإحتقار او جرح المشاعر، ولكن في نفس الوقت يؤكد على المهمة النبيلة التي تحملها قيم التربية والعلم و التوجيه والنصيحة، وممارسة سلطة الأخلاق والقانون دون قسوة ولكن دون ضعف، ان هذا النوع من الانزياح إلى تبادل مقدمات الحياة الخاصة المتعلقة بالذوق و اللباس وحرية الحركة، اذا لم توضع عليه علامة منطقة خاصة، فإن بداية مجموعة من مشاكل التعليم الأسرية والاجتماعية والانسانية بدات من الصمت وعدم احترام وتقدير لكل طرف من اركان العملية التربوية التعليمية.


وكخلاصة عامة، فإن مهنة التربية والتعليم مهنة إنسانية تسمو بنا بالقدر الذي نسمو بها، وتشرفنا بالقدر الذي نتشرف بها، وترفعنا بالقدر الذي نرفعها، هي ليست حرفة وانما هي بناء الامم والاجيال، لها طبيعة خاصة ومتميزة ياليت من يزاولها او تزاولها تكتشف او يكتشف اسرارها مبكرا!!.

اكمل القراءة

رأي

الدعم المدرسي: لحظة إجهاد مجتمع بكامله! (رأي)

بتاريخ

الكاتب:

*محمد الخمسي

يمكن القول ان التلميذ المغربي يصبح من أشقى وأتعس خلق الله حين يقترب موسم الامتحانات الإشهادية، سواء كانت أسرته فقيرة أو متوسطة الدخل أو غنية، فهو يتعرض الى شحن بطاريات الاعداد للامتحان، ويرافق ذلك العديد من الطقوس والفوضى التي ترهق الاسر والتلاميذ على حد سواء، فإذا كان الارهاق للاسر على مستوى تكاليف دروس الدعم، والدروس الإضافية فقد تم مؤخرا ابتداع عبارة “الاعداد من اجل التفوق”، وكأننا أمام تحطيم أرقام قياسية في امتحانات الباكلوريا او السنوات الإشهادية بشكل عام، فان التلاميذ يتعودون عادات سيئة ومنها أربعة قاسية تؤثر على مابعد الباكلوريا:
1- السهر المتأخر ليلا، مما يؤثر على النوم اي اختلال الساعة البيولوجية، علما ان الامتحانات تنطلق مع الثامنة صباحا!
2- استهلاك المنبهات بشكل مفرط ومنها القهوة والشاي بل يذهب بعضهم إلى تناول بعض المنشطات، واخيرا ظهرت فكرة مواد كيماوية تقوي الذاكرة وهي مجموع اوهام فقط، لها اثار جد سيئة على الاعصاب والدماغ،
3- العشوائية في المراجعة بحيث يغيب التوازن في المراجعة والاعداد، بل يقع اختلال في التركيز والعمل النوعي الذي يعتمد الخبرة والتوجيه التربوي والتعليمي، بحيث يعتقد التلاميذ ان انجاز مئات التمارين كاف للإجابة على اسئلة الإمتحان، علما بإن الوزارة بدأت تميل الى اسئلة تعتمد الفهم والتركيب العمودي والافقي.
4- الضغط النفسي بحيث تصبح المنازل مشحونة بالحديث عن الامتحانات في كل وجبة، وعند كل لقاء، مما يخلق حالة من الرهاب وتحليل العوام، بل تصل الامور الى التكهنات والتوقعات واقصاء أجزاء من المقررات، لا لشيى الا استجابة لرواية او أحجية او حدس او تجربة لا تتوفر على شروط الموضةعية، وهي حيل نفسية من اجل إقصاء أجزاء من المقرر!!

إن الجميع يعرف أننا أمام منظومة تربوية تعاني من عدة اختلالات، سواء على مستوى البرامج او على مستوى طرق الاختبار، او على مستوى نظام الامتحانات، الذي لازال يعتمد على الحفظ في مجمله ويسعى للخروج من هذا المأزق، اي البحث عن طريقة علمية بيداغوجية تساهم في تقييم التحصي، دون استنزاف التلميذ او ارهاقه، وهنا لا بد ان نشير ان الاستاذ المحبط الشارد الغارق في همومه الاقتصادية والاجتماعية ينتظر انتهاء الحصة العمومية ليغادر المؤسسة ويلتحق بالدروس الخصوصية ، لأن قسوة الحياة تفرض عليه سباقا للكسب والتحصيل تجعله مع الايام ينسى جزء من رسالته النبيلة، فهو من خلال هذه الدروس يريد التحرر امام ابناءه من العجز عن عدم الاستجابة لمطالبهم الاجتماعية، والتخلص من كل سخرية أونظرة تحقيرية قدحية ممن حوله .
ان هذا الوضع خلق في المجتمع نوعا من التخبط والضياع بمصير ومستقبل أجيال الغد.

انطلق موسم الذبح والسلخ اسمه:
بدأ تقديم “دروس الدعم وتقوية الدماغ” في زمن الهشاشة العامة، والمصيبة ان بعض من يقومون به اي الدعم يحتاجون للدعم، وهكذا وصلنا مرحلة دعم المدعم لتأهيله للدعم، ويحقق ان نتساءل :
1- هل انجزت دراسة علمية لقياس اثر ووقع الدعم المدرسي على مستوى التلاميذ؟
2- هل قامت المدرسة العمومية في اكتشاف طرق التحصيل وقياس المستوى لتجعل التلميذ يشعر بأن الامتحانات لم تصنع لتدميره نفسيا وصحيا؟
3- هل اصبح الاباء يقومون بالدعم النفسي لهشاشتهم عن طريق الدعم المدرسي لابنائهم؟

اكمل القراءة

الأكثر قراءة

Copyright © Attahadi.ma 2024