رأي
ما غفل عنه السيد مصطفى الرميد!
لقد تحدث السيد مصطفى الرميد وزير الدولة السابق في منصب حارس اختام المملكة عن تجربة سياسية لها ما لها وعليها ما عليها، وهي غنية في مشواره وشخصه، وشارك في محطات افصح عن بعضها وسكت عن بعضها وهو امر مكفول له وحق طبيعي من حقوقه، وكأي فعل سياسي داخل نسق له خصوصياته و تاريخه كان للسيد الرميد دور اساسي ومحوري، ولا شك انه كان بموقع متقدم ومساهم بحجم محترم داخل حزبه، وما اشار اليه كان أقرب الى وصف التجربة منه الى الحفر في عمقها، واستلهام الدروس للمستقبل ، ومن الحفر رصد مجموعة من الاشكالات التي لايدركها احيانا الفاعل السياسي، بسبب طبيعة الممارسة و ما يكون حولها ومعها، ولكونها تحتاج الى تفكير لا اكراه عليه، خارج النظام الحزبي، الذي يفرض طقوسا وأعرافا تحول دون التفكير الجريئ، او المغامرة في التفكير بعمق، والحفر في القاع وليس السباحة على السطح.
تهدف هذه المقالة المختصرة إلى تناول بعض هذه الاشكالات، لأن الإحاطة بكلها عمل فريق ومهمة اعضاء الحزب او من يطلبون منه هذا الحفر وهذا شان موضوع اخر يحتاج الى قدر من التواضع وحسن الانصات والثقة والذكاء وليس التذاكي الممارس احيانا بشكل معيق، ومع ذلك مهما اجتهد قلمرفي طرح الاشكالات حتما ستغيب عنه بعض الزوايا وقضايا ذات اهمية موضوعية تساعد على انتاج المطلوب، ومن الاشكالات المستقبلية :
1 الاثر التربوي على التصرف السياسي،
لاشك أن النظام التربوي الحركي الدعوي نقله بعض اعضاء الحزب ونقصد بالنقل، ذلك التسرب الخفي في الاشخاص، الذي تنشئهم عليه الجماعات، وبسبب العدوى والزمن تنتقل طقوسه الإستبدادية التي كانت ولازالت تعرفها “الجلسات التربوية في كثير من الجماعات” الى أنساق مؤسسات الدولة، التي يحكمها منطق المواطنة، والقانون، والوصف الوظيفي، هذه احدى المعضلات النفسية التي عاشها المواطنون الذين اشتغلوا في دواوين بعض الوزراء، فمن تربى على انه لا يرد له كلام في جلسته، كيف سيقبل النقاش داخل وزارته؟
ومن تربى الا يتحدث في الموضوع حتى يؤذن له، كيف سيكون مستشارا لوزير؟
وقس على ذلك، فهذا الاختلال بين التربية الخاصة المفصلة على خلق الطاعة والولاء والتفكير والبيئة المؤسساتية للدولة الحديثة التي ينظمها الحق والواجب ويؤطرها القانون احدى الاشكالات التي ستبقى قائمة خاصة مع الجيل والحرس القديم !
بل تجد موظفين يعانون من هذا السلوك لان بعض اعضاء الحزب نسوا انهم خرجوا من عالم له قواعده بالتراضي وحكم الانتماء، إلى عالم له قواعده ومنطقه بالقانون !
2 القول في الخاص والقول في العام والتباين بينهما،
لم يستطع السيد مصطفى الرميد وبعض وزراء حزبه وانا اتابع تصريحاتهم زمن التصريحات التمييز بين التحدث في الفضاء الأكاديمي، او الفضاءات المغلقة الخاصة بهم، او الأوساط الإعلامية، او الأوساط النقابية، وعندما تختلط لغة الفضاءات، في الغالب تبعث رسائل متناقضة ومشوشة احيانا، وربما عن غير قصد، ولكن منطق السياسة يحاسب على العثرات الكاشفة للتصورات، فمقولة “لن نسلمكم اخانا” ربما قصد بها من قالها “نريد عدالة لصاحبنا، ولكن ظروفها ولهجتها وتوظيفها وسياقها فهم منه الكثير من المغاربة ان العدالة لعامة المغاربة، اما اعضاء الحزب فهم من اهل الامتياز، وهكذا ضر صاحبه من حيث اراد ان يدافع عنه وبعث رسالة إلى مؤسسات الدولة اننا لا يجري علينا القانون، وهو عضو في حزب يترأس حكمتها، ومع حسن الظن ربما اراد ان ينصفه!؟
من هنا اختلاط الانتماء الوطني بكعكة شبه طائفية اثرت على المصداقية والثقة واصبح لديهم نفس الشعار الذي تصدوا له الكفاءة قبل الولاء السياسي واذا بهم يمارسونه بجرعات وامتيازات لم تنطوي على احد، مع العلم ان المغاربة انتصروا في تاريخهم على النزعة الطائفية! وهو امر مستعبد في بنية الحزب ولكن الادمان على القول بحماس وشعبوية لا يمكن إلا ان ياتي برسائل متناقضة، ومثل هذه القضايا كنت انتظر قراءة ناقدة لها علما ان هناك شخصيات كانت من النزاهة في هذا الامر على مستوى عال من المسؤولية ولدى ليس هناك شيك على بياض لقد كان هناك مسؤولين على قدر مسؤوليتهم ولكن في نفس الوقت كان هناك فاس ون لا يقلون فساد عن غيرهم، فهذه القضية قضية الامتياز الحزبي الذي تحول الى امتياز سياسي كنت انتظر ان يحسم فيها الاستاذ الرميد بالقول إنها من مثل هذه اخطاء من قادة الحزب كانت سببا مستفزا للمواطنين وللمؤسسات، لقد ترك هذا التصرف شرخا في الثقة بشكل عميق لدى مواطنين ومواطنات صوتوا علينا ولم يكن مع اطروحتنا، فقط لانهم ولأنهن توقعوا مجيئ فريق نزيه.
كما انه لم يقف عند ظاهرة ان قادة الحزب طلبوا من المغاربة استقامة لم يلتزموا بها، وفي اقل ما يقال انهم كانوا موضع الشبه فيها! وهي مراجعة أساسية بحيث ان خصوصيات المغاربة مثل خصوصياتهم ولا يمكن الكيل بمكيالين، بل كلما ظهرت عثرة انسانية الا وحملت وفسرت بمنطق واحد منطق “الضحية امام يد خفية”، قول تبين مع الايام ان افضل طريق للخطاب السياسي المتزن القول اننا نحن مغاربة كباقي المغاربة، لم ناتي من كوكب الملائكة، ولا من كوكب الشياطين،
كما كنت انتظر من الاستاذ الوزير السابق الوقوف عند ما عرفته الجامعة المغربية العمومية من ضعف وتقهقر كبير عندما كان الحزب يتولى المسؤولية السياسة فيها، ويكفي ان احتقار العلوم الإنسانية كان من خطاب وزير للعدالة والتنمية، وتهميش اللغة العربية كان في عهد نفس الحزب، رغم ما كتب للدفاع والتوضيح، وهو وصول متاخر فقد قضي الامر بعد ذلك، كما ان قطاع التعليم العمومي وقطاع الصحة العمومية عرفتا انطلاق خوصصة رهيبة دون دفتر تحملات يحمي المصالح الاستراتيجية للمغرب، ومع قصة تدبير التقاعد كان الضرب في طبقة اشتغلت لسنوات لتجد نفسها تدفع ثمن تلاعب واخطاء غيرها، وهكذا كان السيد الرميد في موقع ان يقول لقد اجهزنا على الطبقة المتوسطة، التي اعطتنا لمرتين المرتبة الاولى سياسيا، دون الحديث عن كمية الغرور التي تمتع بها بعض قادة الحزب، او من كانوا في الصفوف الاولى من الاستعلاء والغرور سواء على المستوى السياسي، او الثقافي او الفكري، فقد اصبحت الهواتف للخاصة والمكاتب من سابع المستحيلات ومنطق الاستعلاء شمل الكثير الا من رحم الله، بل حتى حضور الرسميات كان لا يحترم فيها زمن الحضور ، فقد تمتع بعض المسؤولين والوزراء بالوصول المتاخر عن المواعد مع ان القدوة كانت واضحة من اعلى سلطة في البلاد التي كرست معنى الزمن للمغاربة،
يمكن القول ان النتائج الانتخابية عاقبت الكثير بشكل لا يمكن تفسيره بتدخل الداخلية فقط وانما برفض المواطنين و مدينة القنيطرة ومدينة الراشيدية ومدن اخرى شاهد على القول وهي امثلة للااستئناس فقط.
3 الحاجة إلى معرفة رسالة الخروج الاعلامي،
كنت انتظر ايضا من الخروج الاعلامي للسيد مصطفى الرميد ان يركز على التحليل والعمق، وليس الرواية التي هو صادق فيها، فقد كان يحتفظ لنفسه ببعض القول وهو خير من قول نقيض او رواية غير صادقة امر يحسب له ويحترمه من اجله، الا ان المهتم بالشأن السياسي ينتظر البحث في مفاصل مشروع العدالة والتنمية، والقراءة الحسنة بعد هدوء العاصفة وقد مر زمن مهم، واذا بها رواية لها قيمتها في جانب التعبير من داخل التجربة، لكنها ستثير داخل جسم حزب في وضع ضعف، مما لا يدرك أبعاده و مآلاته هذا الخروج، الذي إن كان يتمتع بالصدق فهو ينقصه حاسة الفعل السياسي للمستقبل! اللهم اذا كان الرميد يريد توزيع التركة وهدم ما تبقى من البناية،
4 نصف شهادة في التكلفة السياسية
ضمنيا بعث السيد الوزير السابق برسالة مفادها ان إصرار الحزب على استغلال قوة العدد دون استحضار تكلفة ذلك سياسيا كان مزعجا للدولة العميقة وغير العميقة، بل مزعجا حتى التحالف السياسي، فالمغرب من حيث العلاقات الدولية وإكراهاتها لا يعرفه كثير من اعضاء الحزب فكيف بالقواعد، وهنا كانت شجاعة تحسب للسيد الرميد ولكن لو فصل ووضح كان سيكون درسا عمليا للقواعد والاتباع، الذين يختزلون الفعل السياسي فقط في الانتخابات، دون استحضار العلاقات الدولية، والخريطة الحزبية والقوى السياسية غير المباشرة الاقتصادية والمدنية منها، والتداخل بين الاقتصاد والامن والسياسة، وقد تكون فرصة له لمزيد من الوضوح مستقبلا، ومهما كان لقد كان السيد الرميد شجاعا في هذا الباب بقدر قليل، ولو كان التركيز من قبل اشد الاعضاء في التاطير والتكوين لكان التكوين السياسي لشبيبة الحزب امتن وكانت تستطيع فهم كثير من الرسائل الضمنية!
5 الإطار النظري وإمارة المؤمنين والتعايش مع قواعد اللعبة السياسية،
لكن اهم القضايا التي انتظر القول فيها وفي نظري المتواضع ثلاثة هي التي قد تساعد في انطلاق الحزب مستقبلا:
- الاولى إمارة المؤمنين وتتجلى في العمل على نهاية الغموض والالتباس حول إمارة المومنين، وهنا لا توجد ورقة واضحة حولها وكنت انتظر ان يعمل في هذا الجانب باثناء النقاش وبعث الرسائل خاصة وان موقفه متقدم اذا ما قورن بمواقف قد تذهب خد النقيض سواء علانية او سرا، فلا يمكن الاقتناع بإمارة المؤمنين وفي نفس الوقت يقوم افراد محسوبين على القيادة بتصرفات سياسية تتراوح بين تقويض اختصاصاتها او مزاحمتها؟
ان العجز في انتاج وثيقة واضحة مسطرة مكتوبة تحدد علاقة الحزب بالمجالس الدينية هو ما جعل ما سمهاه السيد الرميد بالدولة العميقة يقظة لهذا الالتباس الذي يحد من الثقة والمصداقية، ودعنا من بعض الاقوال والكتابات التي يقصد بها التقرب الشخصي اكثر من وضوح وقناعة الحزب، - القضية الثانية الحاجة إلى إطار نظري، وهي الاقتناع اولا ثم الشعور ثانيا بحاجة الحزب الى إطار نظري متماسك في اطروحته، ينظر للشأن المحلي الوطني من منظور دولي عالمي، فالعالم أصبح قرية صغيرة، فالحزب لا زال يعتقد في امكانات الدولة دون علاقات معقدة وتوازنات محسوبة، فافتقار الحزب لمنظرين ومفكرين واستراتيجيين، وهيمنة بعض “اطر” على ملفات سياسية بعقلية تقنية جعلت ممارستهم غير مسنودة بفكر رصين، وتراوحت بين الشعبوية و فعل ورد فعل فقط، واستنزاف على الهامش،
- عدم القدرة على التعايش مع النتائج، ولو كانت معها شوائب وفخاخ كثيرة ظاهرة وباطنة،ومن عجز الحزب انه استدعى الاب لإعادة البناء وظهرت تربية الشيخ والمريد التي طالما انتقض منها عند الاخرين لكنه مارسنا حرفيا،في حزب الاصل ان يشتغل بالمستقبل.
وكخلاصة نحن امام سيناريوهات ثالثها من المعجزات:
1 حزب ضعيف وفي احسن الاحوال متوسط الحجم، بمعنى حزب يكون جزء من المعادلات ولن يؤثر في المستقبل بل عجلة من العجلات،
2 الانشطار ليجد كل واحد نفسه في الإطار الذي يناسبه، وتنطلق تجارب شخصية داخل انساق واحزاب سياسية قائمة او ناشئة، وربما احزاب جديدة،
3 إعادة بناء الحزب بشجاعة كبيرة قد تسمح لنفسها بعنوان جديد، ولكن ضمن إطار سياسي استفاد من الماضي واستخرج الدروس والعبر ، وفتح بابه من اجل انضمام العقلاء واولى النهى، وبعث برسائل تجمع بين المشاركة العقلانية و المواقف المبدئية، وتجيب على مناطق اللبس والغموض وتتحرر من ثقل تأويلها، فقد شهدت على نفسها انها ازعجت الدولة العميقة حسب قول السيد الرميد، لانها ارادت ان تحفر عمقا اعمق منها، وهي لا تملك عقلا ولا فأسا لذلك، ولم ينتخبها المغاربة لهذه المهمة، طبعا كل الاحزاب ليس فيها مجموعة من الملائكة فقد كان وسيبقى حزب به كثير من النزهاء والوطنين، كما لا يخلو من بعض الانتهازين واخرون مردوا على النفاق. طبعا هناك حاجة ماسة لنزهاء ونظيفي اليد من هذا الحزب من صنع المغاربة ومنراجل المغرب اولا ، ولكن على مسافة من الخطاب الديني المتلون والمزعج في ظروف صعبة، فإمارة المؤمنين لا تستحمل المنافسة او الاملاء فهي جامعة لكلمة المغاربة، تحكيمية عند الخلاف او الاختلاف، ولا تقبل فتاوي الهواة.
محمد الخمسي استاذ التعليم العالي جامعة سيدي محمد بن عبد الله/فاس
رأي
الإعلام و الحوار حول الحكم الذاتي: أدوار وواجبات.. (رأي)
د. محمد الخمسي،
قدمت هذه الورقة الفكرية التي عُرضت بمقر هيئة المحامين بمكناس يوم 20 نونبر 2025 والتي كانت من تنظيم الهيئة بشراكة مع أكاديمية التفكير الاستراتيجي .
ليس القصد من الورقة تقديم مهمة الإعلام في متابعة الحوار والنقاش الذي رافق وسيرافق مشروع الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، لأن ذلك عمل ممتد في الزمان والمكان، ومهمة مؤسسات بكاملها، نظر للبعد العالمي الذي عرفه ملف الصحراء المغربية وعلى امتداد 50 سنة من الصراع السياسي و العسكري، صمد فيها المغرب على الأرض سواء عسكريا او امنيا او اقتصاديا ولكن صموده كان أشد سياسيا، لانه خاض معارك في كل القارات وخاصة قارتين بحكم الجوار والموقع القارة الأفريقية والقارة الأوروبية، غير انه استطاع ان يبني تحالفا استراتيجيا في ملفه بين دول أوربية لها حضور وقوة في ملف الصحراء لأسباب اقتصادية تاريخية و الأهم انه انتزع بحكمة وهدوء سند الولايات المتحدة الأمريكية بدعم تاريخي وواقعي لملف الصحراء المغربية. من هنا نتناول في هذه الورقة المختصرة عناصر أساسية يمكن أن تكون جزء من بوصلة إعلامية وأرضية لنقاش عميق تحت سؤال واحد :
ما هي مهمة الإعلام والصحافة بكل أجناسها في تطوير النقاش و الحوار والتحليل والتفكيف لموضوع مشروع الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية؟
1 يمكن لكل مؤسسات الإعلام الوطنية والاقلام والصحف ان تطور النقاش الذي انتقل من مكاتب وصالونات النخب السياسية و الدوائر التي تساهم في صانعة القرار الي نقاش سياسي داخل الأحزاب ومع النخب الفكرية والثقافية وتجعل هذا النقاش من الفضاء الخاص إلى المجتمع او ما يمثل هذا المجتمع من سلطات و ومؤسسات هيئات حقوقية قانونية من أجل بناء الوعي العام في موضوع الحكم الذاتي، وخلق كثلة بشرية يقضة لها روح وطنية وغيرة شديدة ولكنها عقلانية
من أجل إنتاج ما يبني هذا الوعي العام و هي فرصة لفتح النقاش والمساهمة في إدراك أبعاد الحكم الذاتي، فالقرار الصادر عن هيئة الامن بالامم المتحدة، أصبح فرصة لتجديد الالتفاف والتعبئة الوطنية ونو وضع لا تعيشه الا الأمم العميقة في تاريخها القوية في شخصيتها،
2 يعتبر النقاش قبل الصياغة لمشروع الحكم الذاتي فرصة تاريخية من أجل تفاعل القوى الثلاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن تأزر السياسي و الاقتصادي من أجل خلق وبناء حاضنة اجتماعية كركن من الاركان الثلاثة وهي شرط للتمكين، وفرصة لضخ الأفكار وتجديد للمواقع العمل وتحديد الأدوار داخل المؤسسات الوطنية، والهيئات السياسية، والمدنية، مع تنظيم الجهود والصفوف وبعث رسالة وحدة وطنية حول ما سيتم صياغته كحكم ذاتي متفق عليه، بحيث ننتقل من وضع الاستقرار الى خلق الازدهار، اي معركة بناء الإنسان المغربي في كل ربوع المملكة.
3 تعتبر معركة السرديات وانتصار التنوع والاختلاف من أهم ما يمكن أن يواكبه الإعلام ويشتغل عليه كل ذلك داخل الوحدة التي عبر عنها الخطاب الملكي بتحديد يومها ورمزيتها ودلالاتها للأجيال الصاعدة فإذا كانت المسيرة الخضراء رمز العبقرية السياسية، فإن نزع قرار الاعتراف السيادة المغربية من هيئة الأمم المتحدة رمز الحكمة والبصيرة،
إن عودة 350 الف مغربي من المسيرة الخضراء مدنا بسرديات وبطولات اختلط فيها الواقع بالخيال والحقيقة بالمجاز، ونعلم ان السرديات تبدأ متحيزة مغلقة واحيانا متعصبة الا ان فعل الزمن والخبرة يجعلها منفتحة نسبية غنية قابلة للانصهار والاندماج، وهي تشكل نوعا من الخيال العام ورافد من روافد الثقافة والهوية والانتماء ودور الإعلام التنقيح والتعذيب والتشذيب والتعميم والنشر، بل وإنتاج نماذج و أجناس من هذه السرديات التي تخدم هدفين:
* التلاحم وتقوية الجبهة الداخلية وتحقيق الإجماع الوطني حول الحكم الذاتي في نسخته النهائية،
* شرح للعالم رواية واحدة وقصة واحدة ونسخة واحدة في معالمها الكبرى مميزاتها الأساسية،
هذه معركة داخل الوحدة والنسق المغربي ورمزيتها في عيد الوحدة فهو تتويج للتعددية والتنوع والاختلاف، ضمن نسق جامع وضامن وصمام عنوانه الأمن والاستقرار الذي هو شرط الانطلاق إلى الازدهار،
4 تجديد الروح الديمقراطية في جوهر ودينامية المؤسسات وبناء نموذج لا يقتضي الدفع بتحمل مسؤولية الجميع ومنها الأحزاب الوطنية النخب بكل أطيافها والقوى الحية بتعددها واختلافها، كلها عناصر وتوابل ومواد الديمقراطية، فهذا الاختيار السياسي يتمرد على الركود او الجمود، بل تكمن قوته وحياته اي النموذج في قوة التفاعل والنقاش و الإقناع والاقتناع وهنا تكمن قوة الإعلام في تحريك هذا الفعل وهذه الديناميكية الضرورية للحياة السياسية،
5 من المهم أن نبعث من خلال قنوات عدة ومنها القنوات الإعلامية بمختلف أنواعها وأشكالها برسالة للعالم ان الحكم الذاتي قناعة أمة وتنزيل وإشراف قيادة،. وان المغرب وات كل الوعي انه يعيش في عالم معقد مشتبك المصالح والمواقع والاستراتيجيات، والمغرب يعلم انه في عالم متعدد التحديات، وبالتالي هو شريك في الأمن والسلم العالميين، وحريص على أن يحقق مصالحه وخاصة الاستراتيجية وبالتالي لديه خريطة التحالفات و الأصدقاء والشركاء، وايضا يعرف من يهدد هذه المصالح وهذا الوعي جزء من ذكاء المغرب الذي يعرف العالم ويعرف أيضا العالم الاخر.
رأي
“الرياضة كمدخل لتنزيل الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية” (رأي)
شكل القرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 31 اكتوبر 2025 ، محطةً فاصلة في مسار قضية الصحراء المغربية، وهو اعتبره الخبراء في القانون الدولي والدبلوماسية ، انه انتقال نوعي من مقاربة النزاع بوصفه ملفًا سياسيًا ، إلى التعامل معه كقضية واقعية قابلة للتسوية، و تقوم على الحل التوافقي .
فالمقترح المغربي للحكم الذاتي ثم اعتماده أمميا باعتباره الإطار الوحيد القابل للتطبيق ، لكونه تعتمد على المصداقية.
و المغرب، بخلاف الأطراف الأخرى، لم ينتظر المصادقة النهائية لمقترح الحكم الداتي حتى يبدأ في تنزيل مضامينه، بل إنخرض في التنمية الميدانية، ومن ضمنها الرياضة، باعتبارها الوسيلة الأنجع لترجمة فلسفة الحكم الذاتي على أرض
الواقع من حيث البنية التحتية الرياضية ، وتنويع مجالاتها وتخصصاتها الفردية والجماعية ، وهو ما حول الأقاليم الجنوبية خلال السنوات الأخيرة إلى نموذج تنموي متميز، يجسد عمق الانتماء الوطني من خلال مشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية ورياضية متكاملة، جعلت من مدن كالعيون والداخلة رمزين لتطور المغرب الجديد في الشق الرياضي المتنوع ، من خلال تشييد وتجهيز ملاعب عصرية قاعات متعددة التخصصات، ومسابح مكشوفة ومغطاة ، ومراكز تكوين وأكاديميات، وهو تجسيد ملموس لمفهوم التدبير الذاتي الرياضي، الذي يمنح للجهاتين العيون الساقية الحمراء ، والداخلة واد الذهب ، صلاحيات اتخاذ القرار المحلي والتدبير الواقعي للموارد المادية والبشرية خدمة للرياضة والرياضيين، و في انسجام تام مع مبادىء السيادة الوطنية.
فكل ملعب رياضي يُدار محلياً وبالطريق المختارة من اجهزة التسيير من المجالس المنتخبة ، و هو في ذاته تمرين عملي للجهة المتقدمة و المنتظر فتح بشأنها نقاش داخلي وخارجي لرفع فلسفتها إلى درجة مقترح الحكم الداتي وفق الخصوصية المغربية .
فكل تظاهرة رياضية جهوية أو أو وطنية أو دولية تنظمها المؤسسات المحلية بجهات المملكة بجنوب المغرب ، هي إعلان رمزي عن نجاح في تحويل الصحراء من مجال نزاع إلى فضاء نموذج للتنمية والسلام.
فعبقرية المقاربة المغربية تمكن في كونها جعلت من الرياضة مختبراً مصغّراً للتجربة الاستباقية لمشروع الحكم الذاتي، من خلال النقل التدريجي للصلاحيات التنفيذية المرتبطة بالمجال الرياضي من القرارات المركزية ، إلى المجالس الجهوية المحلية مع تخصيص واضح لمجالات التمويل، والتنظيم، والتدبير الرياضي.
فالتفكير في إنشاء مجالس جهوية للرياضة، إلى جانب العصب الجهوية لكل فرع رياضي، يمكن اعتباره خطوة نحو ترسيخ روح المشاركة المحلية، وتجسيد مبدأ التدبير الرياضي الحر والمتماشي مع الحاجيات الاجتماعية ، والظروف الواقعية ، وهو ما سيمكن الأقاليم الجنوبية من أن تصبح نموذجاً وطنياً في الحكامة الرياضية، وأن تبرز كوحدة فاعلة في النسق العام للتنمية المستدامة .
ولم يكن إعلان جلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيدًا وطنيًا للوحدة مجرد دلالة رمزية لتاريخ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797 / 25، بلهو فعل سياسي عميق الدلالة، يربط بين الشرعية الأممية والسيادة الوطنية ، فهذا التاريخ يجمع بين لحظة الاعتراف الأممي بمشروعية المقترح المغربي للحكم الذاتي ، ولحظة التتويج الوطني بعمل و مسار دبلوماسي طويل انتهى بترسيخ سيادة المغرب على صحرائه بأعلى هيئة تقريرية أممية وهي مجلس الامن الدولي .
إن المقاربة الجديدة التي ينهجها المغرب قبل و بعد القرار الأممي 2797 تُبرز أن الحكم الذاتي ليس وعداً سياسياً مؤجلاً، بل هو واقع يتجذر يوماً بعد يوم في تفاصيل الحياة اليومية لساكنة الاقاليم الجنوبية ، عبر مشاريع رياضية ملموسة تضع الإنسان في صلب التنمية ، فالرياضة بجهتي العيون والداخلة ، ليست فقط وسيلة لتأهيل الأجساد، بل وسيلة لبناء الوعي، وتوحيد الانتماء للوطن ، وتحقيق العدالة المجالية التي تُعتبر جوهر كل مشروع ناجح لاي مقترح الحكم الذاتي .
فالمغرب اليوم يُقدّم للعالم نموذجاً مبتكراً في تسوية النزاعات الإقليمية عبر التنمية والرياضة والثقافة، و في انسجام تام مع قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، حيث الجميع رابح في إطار السيادة والوحدة المغربية.
ذ. مصطفى يخلف
رئيس المركز المغربي للقانون الرياضي
رأي
“قيد النظر” تحول مجلس الامن من المراقبة إلى الحسم الأممي! (رأي)
بالرجوع إلى العبارة او الجملة الختامية التي ذيَّل بها مجلس الأمن قراره رقم 2797 والمتضمنة لعبارة: «ويقرر إبقاء المسألة قيد النظر»، فستبدو في ظاهرها ان دلالتها بسيطة، لكنها تحمل في عمقها تحولًا جذريا في فلسفة التعاطي الأممي مع نزاع الصحراء ، فهي تشير إلى أن الملف لم يُغلق، بل أصبح موضوع متابعة دائمة تحت إشراف مجلس الأمن، في انتظار المخرجات العملية للمفاوضات المقبلة.
وبذلك، انتقلت قضية الصحراء المغربية من وضعية النزاع المفتعل ،إلى وضعية الملف الجاري نحو التسوية النهائية، أي من مرحلة المرافعة إلى مرحلة المتابعة والتقييم ، وهي صيغة ذكية من المشرع الأممي، تحفظ لمجلس الامن سلطته في التدخل عند الحاجة، وتوجّه في الوقت ذاته رسالة واضحة للأطراف ، مفادها أن المجتمع الدولي لن يسمح بتجميد المسار السياسي مجددًا.
فعبارة “قيد النظر” ليست تعبيرًا عن تردّد مجلس الأمن ، بل هي اشارة بدلالات لغوية قانونية على يقظة أممية حقيقية تجاه نزاع طال أكثر من خمسين عامًا، و أوان الحسم في بحلٍّ توافقيٍّ يحفظ السيادة المغربية ويُعزّز الاستقرار الإقليمي في شمال إفريقيا.
لقد دخل ملف الصحراء المغربية مرحلة جديدة عنوانها “التشريح الأممي”، وهو ما حول الملف من النزاع التقليدي، الى قضية الاستقرار والأمن الدولي.
وهنا تكمن الرسالة العميقة والواضحة من مجلس الأمن، وبلغة لقجع أن الكرة الآن في ملعب الأطراف المعرقلة، خصوصًا الجزائر، التي لم يعد مقبولًا منها أن تظل في موقع الرفض أو المناورة، لأن منطق التاريخ والسياسة يسير في اتجاهٍ واحد هو الاعتراف بواقعية المقترح المغربي للحكم الذاتي كحلٍّ نهائيٍّ متوافقٍ مع روح الشرعية الدولية.
فمجلس الأمن، وهو يُبقي المسألة “قيد النظر”، إنما يُعلن ضمنيا أن المخزن الأممي مكيلعبش.
ذ مصطفى يخلف
-
رأيقبل سنتينهل تكون بنت خريبكة أمينة دومان أول فائزة بـ “فيلدز”؟
-
التحدي 24قبل سنة واحدةالموت يغيب الصحافي جمال براوي بعد معاناة مع المرض
-
التحدي 24قبل سنتينالسمك “مفقود” في الأسواق المغربية وأسعاره تبلغ إلى مستويات قياسية..
-
رأيقبل 10 أشهرالدكتور الخمسي يكتب: “التحدي من اجل البقاء..”
-
بالفيديوقبل سنة واحدةالبرلماني الكيحل: الاحتفاء بذكرى المسيرة هاد العام هو احتفاء بـ “ما بعد الحدث” (فيديو)
-
مغاربة العالمقبل 12 شهرمكتب الصرف:تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تفوق 108 ملايير درهم عند متم نونبر
-
رأيقبل 9 أشهرقنوات تلفزية عاجزة عن الابداع!
-
رأيقبل 9 أشهرفرصة تاريخية ليكسب المغرب أوراقا لصالحه.. (تحليل)
